للزوم المطابقة بينهما ، مع استلزامه عدم لحاظ المستعمل فيه بتمامه قبل الاستعمال ، لانّ الملحوظ فيه ذات المعنى والمستعمل فيه انما هو المقيد ـ كما لا يخفى ـ وصار الموضوع له في عامة الالفاظ خاصا بعد ما عرفت انّ المأخوذ في معانيها اشخاص الارادة لا مفهومها ، فتكون متضمنة للمعنى الحرفي المستلزم لكونها مبنية ، على ما هو القاعدة في النحو من كون الاسم المشبّه بالحروف مبنيا ، فتدبر.
١٨ ـ قوله : « بل ناظر الى أنّ دلالة الالفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية ». (١)
اعلم : انّ مراتب دلالة اللفظ ثلاثة :
احداها : تصورية ، وهي خطور المعنى وانسباقه الى ذهن السامع بمجرد سماع اللفظ.
وثانيها : دلالته على ارادة المتكلم لمعناه بحيث يصير سببا لتصديق السامع بارادته ، وتسمى هذه دلالة تصديقية.
وثالثها : دلالته على النسبة الكلامية لما في الخارج من النسبة العينية ، وبعبارة اخرى : دلالته على تحقق المعنى في الخارج ، وتسمى تصديقية أيضا.
ثم انّه لا بد في دلالة شيء على شيء من مناسبة وعلقة بينهما توجب حكايته عنه ، وهي : امّا ذاتية كصورة المرآة الحاكية عن المرئي ؛ وامّا جعلية وضعية كما في اللفظ بالنسبة الى معناه ، حيث انّ السنخية الذاتية بين اللفظ والمعنى مفقودة فيحتاج الى سنخية جعلية.
اذا عرفت ذلك فاعلم : انّ الدلالة الخطورية يكفي فيها مجرد وضع اللفظ ، مع العلم به ، ولو لم يكن اللافظ قاصدا وشاعرا للمعنى بل ولا اللفظ ؛ ويتحقق في
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٢ ؛ الحجرية ١ : ١٦ للمتن و ١ : ١٦ للتعليقة.