ثم انّ الاستدلال بالتراكيب المنفية مثل قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (١) ونحوها بأحد وجهين أيضا :
أحدهما : انّ ظاهر تركيب كلمة « لا » هو نفي الماهية لا نفي الصحة ، ولا مخرج له من هذا الظهور حتى في مثل « لا صلاة لجار المسجد » (٢) ونحوها ، لانّ المنفي في مثله نفي الماهية ادّعاء أيضا كي يترتب عليه المبالغة والتحريض ونحوهما من البدائع المجازية ، فبأصالة الحقيقة في كلمة « لا » يحمل على نفي الماهية ، وحيث انّ مدخولها هو الصلاة وحدها بلا قرينة معه فيكون ظاهر التركيب نفي الطبيعة الموضوع لها الصلاة ، لا المستعمل فيها مجازا أو بتعدد الدال والمدلول.
ثم لا يكاد يحفظ ما ذكر إلاّ بأن يكون المنفي هو الصحيحة مع كونه هو الموضوع له أيضا ، ولا وجه لرفع اليد عن ظهور التركيب فيما ذكر بلا وجه.
ثانيهما : انّه ـ مع العلم بالمراد في ابتداء الامر وانّه هو الصحيح ـ يدور الامر :
بين كونه هو الموضوع له فيبقى ظهور كلمة « لا » ـ بانضمام عدم القرينة في المدخول في كون المنفي هو المعنى الحقيقي ـ بحاله.
وبين عدمه فيلزم رفع اليد عن ظهور كلمة « لا » ، أو عن ظهور المدخول ، أو عن مقتضى أصالة عدم القرينة وكلها خلاف القاعدة ، فيثبت بها انّ الصحيح هو الموضوع له أيضا. إلاّ أن يقال : بعدم الحجية ، مع العلم بالمراد والشك في قرينية
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٤ : ١٥٨ أبواب القراءة في الصلاة ، باب وجوب قراءة الفاتحة في الثنائية ، عدة احاديث.
(٢) تهذيب الاحكام ١ : ٩٢ باب صفة الوضوء ، الحديث ٩٣ باختلاف يسير ؛ دعائم الاسلام ١ : ١٤٨ باب ذكر المساجد.