وصحيحة معمّر بن خلّاد عن الرضا عليهالسلام قال : «لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتّخذ القبر قبلة» (١).
وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : الصلاة بين القبور ، قال :«بين خللها (٢) ، ولا تتّخذ شيئا منها قبلة ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن ذلك وقال :لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجدا ، فإنّ الله عزوجل لعن الذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٣).
وتقييد هذه الأخبار بما إذا كان بينه وبين القبور من كلّ ناحية بمقدار عشرة أذرع ؛ جمعا بينها وبين موثّقة عمّار أبعد من حمل الموثّقة على الكراهة ، بل كاد أن يكون طرحا لهذه الأخبار ؛ لكونه تنزيلا لها على ما ينصرف عنه إطلاقها فإنّ المتبادر من نفي البأس عن الصلاة بين المقابر إنّما هو إرادة الصلاة في المواضع المتّخذة مقبرة للموتى ، كوادي السلام ونظائرها ، فأريد بهذه الأخبار نفي البأس عن الصلاة في المقابر إمّا مطلقا ، كما هو ظاهر الصحيحتين الأوليين ، أو في الجملة ، كما هو ظاهر الأخيرتين ، لا نفي البأس عن الصلاة في ما بين مقابر متعدّدة بحيث يعدّ بعضها أجنبيا عن بعض ، فهي منصرفة عمّا لو صلّى في مكان تكون المقابر بعيدة عنه من كلّ ناحية بمقدار عشرة أذرع ، فما في موثّقة عمّار بمنزلة الاستثناء المنقطع ، حيث وقع فيها السؤال عن الصلاة بين القبور ، فأجيب بالمنع عنه إلّا أن يتباعد عن القبور بقدر عشرة أذرع ، ومعه لا يطلق عليه اسم الصلاة في
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٢٨ / ٨٩٧ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٣.
(٢) في العلل : «صلّ في خلالها».
(٣) علل الشرائع : ٣٥٨ (الباب ٧٥) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٥.