المتقدّمتان (١).
بل عن المفيد والصدوق والحلبي القول بحرمته (٢) ، وعن بعض (٣) المتأخّرين تقويته ؛ لما في الصحيحتين من النهي عن اتّخاذ القبر قبلة ، فيقيّد بهما إطلاق الصحيحتين الأوليين (٤) النافيتين للبأس عنه مطلقا.
وفيه أوّلا : أنّ تقييد إطلاق نفي البأس عن الصلاة بين القبور بما إذا لم يكن شيء منها مقابلا له مستلزم لتخصيص الأكثر ؛ إذ قلّما يتّفق ذلك عند الصلاة فيما بين القبور إلّا إذا صلّى في ناحيتها من طرف القبلة ، كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ صحيحة معمّر قاصرة عن إفادة الحرمة ؛ لأنّ غاية مفادها ثبوت بأس عند اتّخاذ القبر قبلة ، وهو أعمّ من الكراهة ، ولا ينافيها ثبوت الكراهة مطلقا ولو مع عدم الاتّخاذ قبلة ؛ لإمكان كون ذلك منزّلا على اختلاف مراتب الكراهة ، وكون الكراهة الثابتة فيما عدا صورة الاتّخاذ قبلة منزلة منزلة العدم ؛ لخفّتها ، كما ليس هذا بعزيز في الأخبار ، وكفاك شاهدا على ذلك : الأخبار الواردة في منزوحات البئر.
فعمدة ما يصحّ الاستناد إليه للقول بالحرمة هي صحيحة (٥) زرارة ، التي وقع
__________________
(١) في ص ١٢٦.
(٢) المقنعة : ١٥١ ، الفقيه ١ : ١٥٦ ، ذيل ح ٧٢٧ ، ولم نجده في الكافي في الفقه ، وحكاه عنهم السيّد الطباطبائى في رياض المسائل ٣ : ٢٧.
(٣) الحدائق الناضرة ٧ : ٢٢٦ ، وحكاه عن بعض المعاصرين السيّد الطباطبائي في رياض المسائل ٣ : ٢٧.
(٤) أي : صحيحتي علي بن جعفر وعليّ بن يقطين ، المتقدّمتين في ص ١٢٥.
(٥) تقدّمت الصحيحة في ص ١٢٦.