مستحبّا ، لا الصلاة بدونه مكروهة ، كما أنّ في ذيل الخبر الأخير إشارة إلى ذلك ؛ بناء على كونه علّة للدرء لا لعدم الانقطاع.
وأوضح منه دلالة عليه : ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يقطع الصلاة شيء لا كلب ولا حمار ولا امرأة ولكن استتروا بشيء ، فإن كان بين يديك قدر ذراع رافع من الأرض فقد استترت. والفضل في هذا أن تستتر بشيء وتضع بين يديك ما تتّقي به من المارّ ، فإن لم تفعل فليس به بأس ، لأنّ الذي يصلّي له المصلّي أقرب إليه ممّن يمرّ بين يديه ، ولكن ذلك أدب الصلاة وتوقيرها» (١).
ولعلّ في مبالغة الإمام عليهالسلام وتعبيره في جملة من الأخبار بأنّ الصلاة لا يقطعها شيء من مرور إنسان أو كلب أو غير ذلك إيماء إلى أنّ مرور شخص أجنبيّ عن المكلّف لا يصلح أن يكون موجبا لقدح فيها ، ولكن ينبغي أن يدرأ رعاية لحرمة الصلاة ، فلو كان ذلك مكروها لكانت كراهته على المارّ إن كان مكلّفا ، كما يدلّ عليه بعض الأخبار الآتية ، لا على المصلّي ، فالذي يقوى في النظر إنّما هو استحباب الدفع ولو بوضع السترة التي هي دفع حكمي ، كما ستعرفه ، لا كراهة تركه.
وكيف كان فلا يعارض هذه الأخبار خبر ابن أبي عمير ـ المروي عن كتاب التوحيد ـ قال : رأى سفيان الثوري أبا الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام وهو غلام يصلّي والناس يمرّون بين يديه ، فقال له : إنّ الناس يمرّون بين يديك وهم في
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٩٧ ، ذيل ح ٣ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١٠ ، وفي التهذيب ٢ : ٣٢٣ / ١٣١٩ ، والاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٥١ ، إلى قوله : «فقد استترت».