الجمعة بدعة» (١).
ثمّ اعترض عليه بقوله : ويتوجّه عليه : أنّ الرواية الأولى إنّما تدلّ على جواز ترك الأذان للعصر والعشاء مع الجمع بين الفرضين في يوم الجمعة وغيره ، وهو خلاف المدّعى.
وأمّا الرواية الثانية : فضعيفة السند ، قاصرة المتن ، فلا تصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة المتضمّنة لمشروعيّة الأذان في الصلوات الخمس ، وقد حملها المصنّف وغيره على أنّ المراد بالأذان الثالث الأذان الثاني للجمعة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله شرّع للصلاة أذانا وإقامة ، فالزيادة ثالث (٢) ، وهو تكلّف مستغنى عنه (٣). انتهى.
أقول : أمّا المناقشة في الرواية الثانية : ففي محلّها ؛ فإنّها ـ بعد الغضّ عن سندها ـ رواية مجملة يتطرّق في توجيهها وجوه أقربها : أن يكون المراد بها أذانا خاصّا أبدعها العامّة في عصر معاوية أو عثمان على ما قيل (٤).
وأمّا الصحيحة : فإنّما يتوجّه عليه الاعتراض المزبور لو أريد بها الاستدلال لسقوط أذان العصر في خصوص يوم الجمعة لا غير ، ولكن استشهاده بهذه الصحيحة يشهد بأنّ غرضه إثبات سقوطه يوم الجمعة لدى الإتيان بما هو وظيفته من الجمع بين الصلاتين في أوّل الوقت من حيث الجمع ، لا من حيث كونه في يوم الجمعة ، فالنكتة في تخصيص عصر يوم الجمعة بالذكر استحباب المبادرة
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٨ / ٦٧.
(٢) المعتبر ٢ : ٢٩٦.
(٣) مدارك الأحكام ٣ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(٤) يظهر من : الأم ١ : ١٩٥ ، وصحيح البخاري ٢ : ١٠ : أنّ المبتدع هو عثمان أو معاوية.