الدرج ولو بكلام لغو مهمل لا يجعله لحنا ، فالشأن في المقام إنّما هو في إثبات وجوب قطع الهمزة من لفظ الجلالة ، وعدم كفاية الإتيان به على الوجه الصحيح المعتبر عند أهل اللسان ، ومن الواضح أنّ الأدلّة المزبورة قاصرة عن إثبات ذلك ، ولذا لم يدّع أحد وجوب الوقف أو الوصل في سائر المواضع من القراءة أو الأذكار لأجل التأسّي وتوقيفيّة العبادة ، ومن هنا ذهب بعض متأخّري الأصحاب ـ على ما حكي عنه ـ إلى القول بإسقاط الهمزة إذا اقترن بلفظ النيّة (١).
ولكنّه ـ مع مخالفته لظاهر فتاوى الأصحاب أو صريحها ـ لا يخلو عن إشكال ؛ فإنّه يعتبر في الصلاة نصّا وفتوى أن يبتدأ فيها بالتكبير ويفتتح به ، والدرج الموجب لإسقاط الهمزة ينافي جعله ابتداء لعمله الخارجي الذي نوى به الصلاة ، وتأثير مجرّد القصد إلى حصول الابتداء به ـ مع مخالفته لصورته الخارجيّة ـ لا يخلو عن تأمّل بل منع ، فالظاهر أنّ جعله وسطا ـ كما هو معنى الدرج المؤثّر في إسقاط الهمزة ـ ينافي صدق الافتتاحيّة المعتبرة في تكبيرة الإحرام ، والله العالم.
وقد ظهر بما أشرنا إليه ـ من أنّ غاية ما يمكن إثباته بالأدلّة المزبورة إنّما هو وجوب الإتيان بالصورة المذكورة على الوجه الصحيح المعتبر عند أهل اللسان بحيث لا يعدّ لحنا ، ويصدق عليها عنوان الافتتاح بالتكبير ـ أنّ المتّجه عدم وجوب الوقف على آخر التكبير ، وجواز إعرابه بلا وقف ، كما قوّاه في الجواهر (٢) ؛ للأصل.
__________________
(١) كما في جامع المقاصد ٢ : ٢٣٦ ، وكشف اللثام ٣ : ٤١٨.
(٢) جواهر الكلام ٩ : ٢٠٨.