حوزة قم المباركة قبل نزول السيد البروجردي تلك البلدة وهو الّذي عرّف هذا الكتاب وكتاب كشف اللثام للفاضل الهندي بين محصّلي علوم الدين ومحقّقي مسائل الشريعة.
وثانياً انّ تأليفه حسب ما صرّح به نفسه في أوّل كتاب الطهارة إنّما كان بأمر من شيخه واستاذه الأعلم الأفقه في زمانه الشيخ جعفر كاشف الغطاء. فإنّه هو الذي أمره بأن يؤلّف كتاباً يذكر فيه جميع الأقوال الواردة في كلّ المسائل الفقهيّة وينقل في كلّ مسألة من تلك المسائل الإجماعات والشهرات المذكورة أو المنقولة في كتب الفقهاء وجعل عليه أن يصرّح فيه بأسامي مصادر تلك الأقوال والإجماعات ويُذكر فيه الدليل الّذي لم يتعرض له الأصحاب وقال له : أمّا كتاب مختلف الشيعة تأليف العلامة الحلي رحمهالله وإن كان مؤلّفاً في هذا الموضوع إلّا أنّه إنّما ذُكرت فيه الأقوال والإجماعات والشهرات في المسائل الخلافية وهو مع ذلك لم تُذكر فيه جميع تلك الأقوال الواردة في تلك المسائل ، بل ولم تُذكر فيه جميع المسائل الخلافيّة. فعندئذٍ أجابه صاحب المفتاح في مسؤوله وتلقّاه بقبوله. وهذا الأمر يعطينا أنّ الشيخ جعفر الّذي قيل إنّه الأفقه من جميع الفقهاء ما عدا الشهيد والمحقق الأوّلين لم يعتمد في ذلك على غيره والحال أنّه كان هناك كثير من الفقهاء من أصحاب القلم لا يزالون يؤلّفون ويصنّفون ، بل كان هناك صاحب الجواهر وصاحب مقامع الفضل وغيرهما في حال تأليف كتابيهما في نفس ذلك الزمان وهما كغيرهما كانوا بمنظر منه ومسمع ومع ذلك كلّه لم يعتمد عليهما ولا على غيرهما في هذا الأمر وإنّما كلّفه نفسه بتأليف مثل هذا الكتاب.
قال صاحب الروضات : لم ير عين الزمان أبداً بمثله كتاباً مستوفياً لأقوال الفقهاء ومواقع الإجماعات وموارد الاشتهارات وأمثال ذلك من غير خيانة في شيء منها والاجتهاد له في فهم ذلك كما هو عادة تلميذه بما لا مزيد عليه لكلّ من يريد اجتهاداً في مسألة من مسائل الفقه (١).
وقال العلامة الأمين العاملي رحمهالله : هو كتاب لم يسمح الزمان بمثله في استيفاء
__________________
(١) روضات الجنات ج ٢ ص ٢١٧.