أقوال العلماء ومواقع الشهرة والإجماع والتنبيه على الخلل الواقع في جملة من الأنقال مع كمال التتبع وعدم الاكتفاء بالنقل. وبالجملة فهو في بابه عديم النظير بين مصنفات الاصحاب (١).
وأمّا نفس الكتاب فمن حيث المتانة وفصاحة العبارة ومن جهة الترتيب وصحّة النقل فلنا في ذلك بعض الكلام لأنّه من حيث المتانة وفصاحة العبارة وإن كان بمكان ومقام إلا أنّه لا يحتوي من ذلك على كلّ المكان والمقام لأنّه يمكن للمؤلّف العارف بأساليب الكلام أن يجيء بما هو أمتن وأفصح من عبارته وأبلغ ، فانظر إلى كتاب كشف الغطاء تأليف استاذه فإنّه أدرج فيه من المطالب العلميّة الاصولية والفقهيّة بأفصح عبارة وأبلغ كلام بما يتعجّب منه الأديب الأريب الممارس.
وأمّا من حيث الترتيب فكذلك لأنّا نرى المؤلّف كثيراً ما يذكر فرعاً يتبعه بفروع ثمّ بعد فاصلة كثيرة يرجع إلى الفرع السابق أو أنّه يذكر فرعاً ثمّ يتجدّد ذكره مرة اخرى أو أنّه يذكر إجماعاً وشهرةً على فرع ثمّ يذكرهما في مكان آخر من غير ضرورة واحتياج. وكذلك أمره من حيث صحّة النقل فإنّه قدسسره كثيراً ما حكى عن كتاب إجماعاً أو شهرةً أو ينقل عن فقيه أو مؤلّف قولاً ورأياً في مسألة مع انّا إذا راجعنا إلى المأخذ المنقول عنه الإجماع المذكور أو الشهرة المذكورة لم نره فيه اصلاً أو نرى أنّ المنقول انّما ورد في المصدر المشار إليه على صورة اخرى غير الصورة الّتي نقله عنه في كتابه أو على ضدّ ما حكاه عنه بعبارته. وأنت إذا طالعت هوامشنا وتعاليقنا على هذا الكتاب رأيت ذلك الّذي بينّاه منه كثيراً.
ولعلّ التوجيه المناسب لمثل هذا المؤلّف ولمثل هذا الكتاب انّ نسخته الّتي نقل عنها هذا الكلام المنسوب إلى قائله أو تلك الشهرة أو ذاك الإجماع المدّعى على المسألة نقلتها كذلك. وهذا توجيه يدلّ عليه بعض القرائن فإنّه قد ينقل شيئاً عن بعض الكتب والحال انّا إذا طالعناه لم نر فيه عيناً ولا أثراً كما سيمرّ عليك موارد ذلك في الحواشي الّتي علّقناها على الكتاب.
__________________
(١) رسالة ترجمة أحواله الملحق بآخر المجلد الرابع الرحليّة ص ٧٧١.