.................................................................................................
______________________________________________________
لو أصاب أحد الإناءين المشتبهين جسماً طاهراً لم تزل طهارته كما هو أحد وجهي الشافعية (١) ، استناداً إلى استصحاب طهارته وإلى أنّ الإصابة إنّما تفيد شكّ النجاسة ، ولا تعويل على الشكّ فيها قولاً واحداً.
وألحقه في «المنتهى» بالمشتبه في لزوم الاجتناب ، ونقل عن الحنابلة قولاً بأنّه لا يجب غسله ، لأنّ المحلّ طاهر بيقين ، فلا يزول بشكّ النجاسة. وأجاب : بأنّه لا تفاوت بين علم النجاسة وشكّها هنا بخلاف غيره (٢) ، انتهى.
وأيّده بعضهم (٣) : بأنّه لو لم يلزم الاجتناب لزم فكّ المتلازمين ، فإنّه لو توضّأ لزمنا الحكم بطهارة اليد وهو لازم لطهارة الماء اللازم لصحّة الوضوء ، فتأمّل.
قلت : قد يؤيّد (٤) بأنّه لو كان هناك ثوبان أصابت أحدهما قطرة بول ، ثمّ
__________________
(١) لم نجد هذا القول في المسألة من الشافعيّ صريحاً وإنّما يمكن استفادته من قوله المحكيّ عنه في المجموع ج ١ ص ١٨٠ : الثالث يجوز استعمال أحدهما بلا اجتهاد ولا ظنّ ، لأنّ الأصل طهارته ، انتهى. فإنّه إذا كان الأصل في أحد المشتبهين جارياً فهو في ملاقيه أولى بالجريان ، فتأمّل جيّداً.
(٢) ظاهر المنتهى في المقام الحكم بلزوم الاجتناب وتطهيره كالنجس لا إلحاقه بالمشتبه قال في المنتهى ج ١ ص ١٧٨ : وكذا لو استعمل أحدهما وصلّى به لم تصحّ صلاته ووجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقّن الطهارة كالنجس ، انتهى. وهو يفيد الحكم منه بأنّه نجس يجب الاجتناب عنه كوجوب الاجتناب عن كلّ نجس. ولعلّ وجهه ما هو المشهور من أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في التنجّز. فالحاصل أنّ ما حكاه عنه الشارح لا يوافق ما في المنتهى فتدبّر.
(٣) الظاهر أنّ المراد من هذا البعض هو صاحب الحدائق ج ١ ص ٥١٣. وكلامه وإن لم يكن بهذه الألفاظ المحكيّة عنه في الشرح إلّا أنّ مضمون كلامه في الحدائق هو مفاد هذا الكلام المحكيّ عنه بعينه فراجع. ويدلّ عليه تعبير شيخنا المرتضى رحمهالله في كتاب الطهارة ، حيث إنّه بعد أن نقل كلام العلّامة في المنتهى بتفصيله وردّه قال : وانتصر صاحب الحدائق لما في المنتهى بأنّ .. فإن تعبيره عن كلام الحدائق بالانتصار هو عين ما عبّر عنه في الشرح بالتأييد ، فتأمّل.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الصلاة في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٢٥.