الثالث.
وبالجملة : فهذه النصوص ـ مع صحة أكثرها ، واستفاضتها ، واعتضادها بالشهرة العظيمة المتأخرّة القريبة من الإجماع ، بل هي إجماع في الحقيقة ـ واضحة الدلالة على نفي الحرمة ، وإثبات الكراهة ولو مختلفة المراتب ضعفا وقوة ، ومع ذلك معتضدة بأصالة البراءة ، والإطلاقات ، بل استدل بهما أيضا جلّ الطائفة.
ولا ريب أنها أرجح بالإضافة إلى الأدلّة السابقة ، مع قصور أكثر أخبارها سندا ودلالة ، وقبولها الحمل على الكراهة دون هذه الأدلّة ، إذ لا تقبل أكثرها الحمل على شيء يجمع به بينها وبين تلك ، مع مراعاة عدم القائل بالفرق بين الطائفة الظاهر ، المصرح به في كلام جماعة كما عرفته ، فالعمل بتلك يوجب ترك هذه بالمرّة ، ولا كذلك العكس ، لقبولها الحمل على الكراهة دون هذه.
نعم ، يبقى الكلام في دعوى الإجماع على المنع ، فإن تأويلها إلى الكراهة في غاية البعد ، لنص الشيخ الناقل له ببطلان الصلاة ، حيث منع عنها (١) ، وهو لا يجتمع مع الكراهة.
لكن إطراحها أولى من إطراح هذه الأدلّة القويّة بما عرفته.
مضافا إلى الصحيحين المعبّرين عن المنع بـ « لا ينبغي » كما في أحدهما (٢) ، مع الاكتفاء في رفعه فيه بشبر على إحدى النسختين (٣)
__________________
(١) راجع ص : ٩.
(٢) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ / ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ / ١٥٢٠ ، الوسائل ٥ : ١٢٣ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١.
(٣) النسخة موجودة في الكافي وغيره ، والاولى في التهذيبين. منه رحمه الله.