يميل إليه بعض الأصحاب ، حيث قال ـ بعد نقل جملة من هذه الأخبار ـ : ففي النظر إليها يظهر قلّة وجود الفعل الكثير المبطل ، وعدم مدخلية الكثرة ، وأن بعض الأبحاث في هذه المسألة لا يخلو عن شيء مثل : هل يشترط في الكثرة التوالي أم لا؟ وأن المرجع في القلّة والكثرة إلى العادة ، وأنه لا عبرة بالعدد ، فقد يكون الكثير قليلا كحركة الأصابع ، والقليل كثيرا كالطفرة الفاحشة. انتهى (١) وهو حسن.
مع أن ما ذكروه من الرجوع في تحقيق الكثرة والقلة إلى العادة منظور فيه ، أوّلا : بما ذكره بعض الأصحاب : من أن ذلك متجه إن كان مستند الحكم النص ، وليس كذلك ، فإني لم أطّلع على نصّ يتضمن أن الفعل الكثير مبطل ، ولا ذكر نصّ في هذا الباب في شيء من كتب الاستدلال ، فإذا مستند الحكم هو الإجماع ، فيجب إناطة الحكم بمورد الاتفاق ، فكل فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلا كثيرا كان مبطلا. ومتى ثبت أنه ليس بكثير فهو ليس بمبطل. ومتى اشتبه الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلا ، لأن اشتراط الصحة بتركه يحتاج إلى دليل بناء على أن الصلاة اسم للأركان مطلقا ، فيكون هذه الأمور خارجة عن حقيقتها. ويحتمل البطلان ، لتوقّف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه (٢).
وثانيا : بأن العادة المحكوم بالرجوع إليها في ضبط الكثرة إن كان المراد بها ما يرادف العرف العام ففساده واضح ، وإن كان المراد بها عرف المتشرّعة فهو فرع ثبوته ، وهو في حيّز المنع لو أريد بهم العلماء خاصة ، لاختلافهم في الكثير المبطل ، فبعض يبطل بما لا يبطل به الآخر ، ومعه لا يحصل الحقيقة التي
__________________
(١) انظر مجمع الفائدة ٣ : ٧١.
(٢) انظر الذخيرة : ٣٥٥.