ولا يتوجه حينئذ أن يجعل إطلاق النص هنا مقيّدا لما مضى بالنسبة إلى النورة خاصة ، ويعكس بالنسبة إلى غيرها ، لأن هذا تخريج بحت لا يمكن المصير إليه قطعا ، لعدم شاهد عليه أصلا.
ثمَّ إن كل ذا على تقدير صدق كونه من نبات الأرض عرفا إن اتخذ منه ، وعدم خروجه واستحالته بصيرورته قرطاسا إلى حقيقة أخرى ، وإلاّ فلا إشكال في كون إطلاق النص والفتوى هنا مقيّدا للأدلّة المانعة عن السجود على ما ليس بأرض ولا نباتها ، فإن التعارض بينهما حينئذ تعارض العموم والخصوص مطلقا لا من وجه ، والجمع بينهما لا يكون إلاّ بتخصيص العام بالخاص قطعا.
مع أن على قولهم ، لو شك في جنس المتّخذ منه ـ كما هو الأغلب ـ لم يصح السجود عليه ، للشك في حصول شرط الصحة ، وبهذا ينسدّ باب السجود عليه غالبا ، وهو غير مسموع في مقابل النص وعمل الأصحاب.
وبالجملة فما ذكروه من التقييد ضعيف.
وأضعف منه توقّف الشهيد في أصل السجود عليه مطلقا ، حيث قال : وفي النفس من القرطاس شيء ، من حيث اشتماله على النورة المستحيلة عن اسم الأرض بالإحراق ، قال : إلاّ أن نقول : الغالب جوهر القرطاس ، أو نقول : جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض (١).
فإن هذا الإيراد متوجّه لو لا خروج القرطاس بالنص الصحيح وعمل الأصحاب.
وما دفع به الإشكال غير واضح ، فإن أغلبيّة المسوّغ لا تكفي مع امتزاجه بغيره وانبثاث أجزائهما بحيث لا يتميّز. وكون جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض في غاية الضعف.
__________________
(١) الذكرى : ١٦٠.