لكن يمكن أن يقال : إنها معتضدة بباقي الروايات ، وفتوى الجماعة ، مع دعواهم عدم الخلاف إلاّ من ابن حمزة. ويعضدها استدلال جملة ممن اختص عبارته بالجماعة (١) بها وأمثالها ، وهي مختصة بالمنفرد ، كما عرفت ، فلو لا عدم الفرق بينه وبين الجماعة لخلا استدلالهم بها عن الوجه بالكلية.
وعليه فينبغي حمل الموثقة الأخيرة على الرخصة ، والنهي في النصوص الأخيرة على الكراهة ، جمعا بين الأدلّة. وهي ظاهر جماعة منهم الشيخ في ظاهر الخلاف وموضع من المبسوط (٢) ، وظاهره في التهذيب : المنع (٣) ، كالعبارة ونحوها ، واقتصر جماعة على السقوط المطلق المحتمل للأمرين (٤).
ولا ريب أن الترك أحوط ، خروجا عن شبهة القول بالتحريم ، مع معاضدته بما مر من الأخبار ، وصريح آخر : صلّينا الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض بالتسبيح ، فدخل علينا رجل المسجد فأذّن فمنعناه ، فقال عليهالسلام : « أحسنت ، ادفعه عن ذلك وامنعه أشدّ المنع » فقلت : فإن دخلوا فأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة ، قال : « يقومون في ناحية المسجد ولا يبدر بهم إمام » (٥).
لكنه ـ مع ضعف سنده ـ يتوهم منه المنع عن الجماعة الثانية مطلقا ، ولو من غير أذان وإقامة ، كما هو ظاهر الفقيه (٦) ، وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين (٧) ، وهو خلاف النص المتقدم والمعروف من مذهب الأصحاب ، بل
__________________
(١) كالشيخ في الخلاف ١ : ٥٤٣ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٦٠.
(٢) الخلاف ١ : ٥٤٢ ، المبسوط ١ : ١٥٢.
(٣) التهذيب ٣ : ٥٥.
(٤) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٤١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٢٥٣.
(٥) الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٥ ، التهذيب ٣ : ٥٥ / ١٩٠ ، الوسائل ٨ : ٤١٥ أبواب صلاة الجماعة بـ ٦٥ ح ٢ ، وفي « لـ » : « ولا يبدو لهم إمام ».
(٦) الفقيه ١ : ٢٦٥.
(٧) المحدث الكاشاني في الوافي ٧ : ٦٠٨.