الجمعة ولم يحصل في نفس الأمر بخلاف باقي الصلوات ، فإن القدوة إذا فاتت فيها يكون قد صلى منفردا وصلاة المنفرد هناك صحيحة بخلاف الجمعة.
وقال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : أقول انه لا يخفى ضعف هذا الفرق لمنع صحة الصلاة هناك على تقدير الانفراد لعدم إتيان المأموم بالقراءة التي هي من وظائف المنفرد ، وبالجملة فالصلاتان مشتركتان في الصحة ظاهرا وعدم استجماعهما الشرائط المعتبرة في نفس الأمر ، فما ذهب إليه أولا من الصحة غير بعيد ، بل لو قيل بالصحة مطلقا وان لم يكن العدد حاصلا من غيره لأمكن لصدق الامتثال وإطلاق قول ابى جعفر (عليهالسلام) في صحيحة زرارة (١) «وقد سأله عن قوم صلى بهم امامهم وهو غير طاهر أتجوز صلاتهم أم يعيدونها؟ قال لا اعادة عليهم تمت صلاتهم وعليه هو الإعادة وليس عليه أن يعلمهم ، هذا عنه موضوع». انتهى.
أقول : ما ذكره (قدسسره) جيد ، ويعضده ان الأحكام الشرعية من وجوب وتحريم وصحة وبطلان ونحوها إنما نيطت بنظر المكلف وعلمه لا بالواقع ونفس الأمر كما تقدم تحقيقه في غير مقام ، لما علم عقلا ونقلا من ان الشارع لم يجعل نفس الأمر مناطا للأحكام الشرعية وإلا لزم التكليف بما لا يطاق فان ذلك لا يعلمه إلا هو سبحانه والمناط إنما هو علم المكلف في تحليل أو تحريم أو صحة أو بطلان ونحو ذلك ، وبه يتجه الحكم بالصحة في الصورة التي حكم ببطلان الجمعة فيها وهو ما إذا كان العدد لا يتم بدونه فإن الصلاة صحيحة بالنظر الى ظاهر الأمر وانتفاء الشرط بحسب الواقع غير ملتفت اليه لما عرفت ويخرج الخبر المذكور شاهدا على ذلك.
(الثاني) ـ لو عرض للإمام عارض من موت أو إغماء أو حدث لم تبطل الصلاة وجاز للمأمومين أن يقدموا من يتم بهم الصلاة ، أما الأول فلان الأصل صحة الصلاة والحكم بالإبطال يتوقف على دليل شرعي وليس فليس ، وأما الثاني
__________________
(١) الوسائل الباب ٣٦ من صلاة الجماعة.