بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما أعلم في أن أولى الناس بالميت يعنى الأحق بالقيام بأحكامه من غسل وصلاة ونحوهما أولاهم بميراثه يعنى ان من يرث من الأقرباء أولى ممن لا يرث بالكلية ، وأما تقديم بعض الورثة على بعض فسيأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.
قال في المدارك : وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وظاهرهم انه مجمع عليه ، واستدلوا عليه بقوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» (١) وما رواه الكليني عن ابن ابى عمير عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «يصلى على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب». وعن احمد بن محمد بن ابى نصر عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٣) قال : «يصلى على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب». وفي الجميع نظر أما الآية الشريفة فلانتفاء العموم فيها على وجه يتناول موضع النزاع. واما الروايتان فضعيفتا السند بالإرسال واشتمال سند الثانية على سهل بن زياد وهو عامي ، ومع ذلك فليس فيها تصريح بان المراد الأولوية في الميراث ، مع ان مقتضى ما ذكروه من تقديم بعض الوراث على بعض كالأب على الابن وان كان أقل نصيبا منه كون المراد بالأولى ذلك البعض لا مطلق الوارث. ولو قيل ان المراد بالأولى هنا أمس الناس بالميت رحما وأشدهم به علاقة من غير اعتبار لجانب الميراث لم يكن بعيدا. انتهى.
أقول : فيه (أولا) انه قد تقدم منه نظير هذا الكلام في مسألة غسل الميت في كتاب الطهارة وقد قدمنا ثمة (٤) تحقيق الكلام في المقام وبينا ضعف ما توهمه وان تبعه فيه جملة من الأعلام ، وملخصه ان المراد بالأولى في جميع أحكام الميت من غسل وصلاة وتلقين وقضاء عبادات ونحوها انما هو الولي المالك للتصرف والتدبير كولي الطفل وليس المراد به الجري على صيغة التفضيل كما توهمه ، واما
__________________
(١) سورة الأنفال الآية ٧٦.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ٢٣ من صلاة الجنازة.
(٤) ج ٣ ص ٣٧٨.