(صلوات الله عليهم) بعده. وما روى عن أهل البيت (عليهمالسلام) من طرق أحدها ما رواه معاوية بن وهب ، ثم ذكرها كما ذكرناه ، ثم قال ووجه الاستحباب انه فصل بين ذكرين جعل للاستراحة فلا يتحقق فيه معنى الوجوب ، ولان فعل النبي (صلىاللهعليهوآله) كما يحتمل أن يكون تكليفا يحتمل أن يكون للاستراحة وليس فيه معنى التعبد ، ولأنا لا نعلم الوجه الذي أوقعه عليه فلا تجب المتابعة. انتهى.
ولا يخفى ما فيه من النظر الظاهر في كل من الوجهين ، أما الأول فمرجعه إلى التأسي وقد عرفت انه ليس بدليل على الوجوب ، واليه أشار في آخر كلامه بقوله : ولأنا لا نعلم الوجه الذي أوقعه عليه يعنى من وجوب واستحباب لأن الإتيان به أعم منهما.
واما الثاني فيرجع الى العلة المستنبطة التي لا اعتماد عليها في الأحكام ، والوجه في الوجوب انما هو ورود الأمر بذلك في الاخبار المتقدمة ونحوها وان كان أمرا بالجملة الفعلية أو باللام ، فان التحقيق انه لا فرق بين الأمر بصيغة «افعل» ولا بين الصيغتين المذكورتين كما حققناه في مقدمات الكتاب وبه صرح جملة من محققي الأصحاب ، ويدل على ذلك أيضا صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (١) وقوله فيها «يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب. الى آخره». فإنه ظاهر في بيان الكيفية الواجبة ومن جملتها الجلوس بين الخطبتين.
قالوا : ويجب في الجلوس الطمأنينة وينبغي أن يكون بقدر قراءة سورة «قل هو الله أحد» كما تضمنته صحيحة محمد بن مسلم المذكورة.
قيل : ولو عجز عن القيام فخطب جالسا فصل بينهما بسكتة ، واحتمل العلامة في التذكرة الفصل بالاضطجاع.
وهل يجب السكوت حال الجلوس؟ قيل نعم لما تقدم في صحيحة معاوية ابن وهب (٢) من قوله «جلسة لا يتكلم فيها». ورد باحتمال ان يكون المراد لا يتكلم فيها بشيء من الخطبة. والظاهر بعده.
__________________
(١) ص ٨٣.
(٢) ص ٨٤.