جاز مع شرب الخمر والزنا واللواط ونحو ذلك بطريق أولى ، بل يدخل في ذلك الخوارج والمرجئة وأمثالهما من الفرق التي لا خلاف في كفرها حيث ان الخير بهذا المعنى حاصل فيهم فتثبت عدالتهم بذلك وان كانوا فاسدي العقيدة نعوذ بالله من زلل الاقدام وطغيان الأقلام.
(الخامس) قوله «ان الخير يعرف من المؤمن. إلى قوله لصدق معرفة الخير منه» فان فيه زيادة على ما تقدم ان الأخبار الصحيحة الصريحة قد استفاضت ببطلان عبادة المخالفين لاشتراط صحة العبادة بالإقرار بالولاية بل ورد عن الصادق (عليهالسلام) (١) «سواء على الناصب صلى أم زنى». والمراد بالناصب هو مطلق المخالف كما حققناه في كتاب الشهاب الثاقب وحينئذ فأي خيرية في أعمال من قام الدليل على بطلانها وانها في حكم العدم ، وكونها في الظاهر بصورة العبادة لا يجدى نفعا لأن خيرية الخير وشرية الشر انما هو باعتبار ما يترتب على كل منهما من النفع والضرر كما ينادى به الحديث النبوي (٢) «لا خير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة».
إذا عرفت ذلك فاعلم ان الذي ظهر لي في معنى الخبرين المذكورين أنهما إنما خرجا مخرج التقية ، وتوضيح ذلك انه قد ظهر بما قدمناه من الوجوه ان المخالف ناصبيا كان بالمعنى الذي يدعونه أو غيره لا خير فيه بوجه من الوجوه فخرج من البين بذلك ، ولو حمل الخير في الخبر على مطلق الخير كما ادعاه في المسالك لجامع الفسق البتة إذ لا فاسق متى كان مسلما إلا وفيه خير وهو باطل إجماعا نصا وفتوى لدلالة الآية (٣) والرواية (٤) على رد خبر الفاسق ، فلا بد من حمل الخير على أمر
__________________
(١) روضة الكافي ص ١٦٠ «لا يبالي الناصب صلى أم زنى».
(٢) المفردات للراغب مادة «خير» وفي تاج العروس مادة «خير» نقلا من المفردات للراغب والبصائر لصاحب القاموس.
(٣) قوله تعالى في سورة الحجرات الآية ٦ «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...».
(٤) الوسائل الباب ٣٠ من الشهادات.