الوجوب عينيا بالنسبة إلى كافة المكلفين.
(المقصد الثالث) في الخطبتين ، وتحقيق الكلام في المقام يتوقف على بسطه في موارد (الأول) ـ أجمع الأصحاب (رضوان الله عليهم) وأكثر العامة (١) على ان الخطبتين شرط في انعقاد الجمعة ، قال في المدارك : لأن النبي (صلىاللهعليهوآله) خطب خطبتين امتثالا للأمر المطلق فيكون بيانا له ، وقد ثبت في الأصول ان بيان الواجب واجب.
أقول : فيه (أولا) انا لم نقف على هذا الأمر المطلق إذ ليس إلا القرآن العزيز وهو غير مشتمل على الأمر بالخطبة كما لا يخفى ، إلا أن يكون مراده الأمر بالسعي في الآية والمراد السعي إلى الصلاة. وفيه ان دخول الخطبتين تحت الصلاة غير ظاهر واحتمال إطلاقها عليهما مجاز لا يترتب عليه البيان إذ البيان انما يرجع الى ما دل عليه اللفظ حقيقة ويتبادر منه فهما.
والأظهر الاستدلال على ذلك بما رواه المحقق في المعتبر نقلا من جامع البزنطي عن داود بن الحصين عن ابى العباس عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «لا جمعة إلا بخطبة وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين».
و (ثانيا) ان هذا الكلام ينقض ما تقدم منه في باب الوضوء في مسألة وجوب غسل الوجه من الأعلى حيث قد ذهب الى الاستحباب ثمة مع دلالة الوضوءات البيانية واشتمالها على الغسل من الأعلى فهي مفسرة لإجمال الآية ومبينة له مع انه منع من ذلك ثمة ، وقد تقدم تحقيق الكلام معه في ذلك في المسألة المذكورة.
__________________
(١) في شرح النووي على صحيح مسلم ج ٦ ص ١٥٠ «قال القاضي ذهب عامة العلماء الى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة وعن الحسن البصري وأهل الظاهر ورواية ابن الماجشون عن مالك انها تصح بلا خطبة» وفي المهذب للشيرازي الشافعي ج ١ ص ١١١ «ولا تصح الجمعة حتى يتقدمها خطبتان».
(٢) الوسائل الباب ٦ من صلاة الجمعة.