ذنوب صغار بجهالة ثم يندم ويستغفر ويتوب فيغفر له ، وفي الحديث (١) «اللمم ما بين الحدين حد الدنيا والآخرة». وفسر حد الدنيا بما فيه الحدود كالسرقة والزنا والقذف وحد الآخرة بما فيه العذاب كالقتل وعقوق الوالدين وأكل الربا ، فأراد أن اللمم ما لم يوجب عليه حدا ولا عذابا ، قيل والاستثناء منقطع. ويجوز ان يكون إلا اللمم صفة أى كبائر الإثم والفواحش غير اللمم. انتهى كلامه زيد إكرامه.
ويدل على هذا القول ايضا ما ورد في جملة من الأخبار في ثواب بعض الأعمال أنه يكفر الذنوب ما عدا الكبائر ، وتشهد له أيضا الأخبار الكثيرة الدالة على تفسير الكبائر وانها ما أوعد الله عليها النار وتفصيلها وعدها في أشياء مخصوصة (٢) وما ورد عنه (صلىاللهعليهوآله) في حديث «انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي». رواه الصدوق في الفقيه (٣) مرسلا عنه (صلىاللهعليهوآله) الى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتگبع.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه متى زالت العدالة بارتكاب بعض الذنوب فإنه لا خلاف في انها تعود بالتوبة وكذا من حد في معصية ثم تاب فإنه يرجع الى العدالة ونقل عن بعض الأصحاب دعوى الإجماع على ذلك.
وانما الخلاف في أن مجرد إظهار التوبة والندم هل يكفي في ذلك أم لا؟ فالمشهور على ما نقله بعض الأصحاب انه لا يكفي في ذلك مجرد إظهار التوبة إذ لا يؤمن ان يكون له في الإظهار غرض فاسد بل لا بد من الاختبار مدة يغلب معها الظن بأنه أصلح سريرته وانه صادق في توبته ، وقيل انه يعتبر إصلاح العمل وانه يكفى في ذلك عمل صالح ولو ذكر أو تسبيح ، وقيل انه يكفى في ذلك تكرير إظهار التوبة والندم ومجرد استمراره على التوبة.
وذهب الشيخ في المبسوط الى الاكتفاء في قبول الشهادة بإظهار التوبة عقيب
__________________
(١) نهاية ابن الأثير مادة «لمم».
(٢) الوسائل الباب ٤٥ من جهاد النفس.
(٣) الوسائل الباب ٤٦ من جهاد النفس.