أقول : العجب منه (قدسسره) وتناقض كلامه في هذا المقام واضطرابه على وجه لا يمكن الإصلاح فيه والالتئام. فإن مقتضى كلامه هنا كما سمعت انه لا يشرع الدخول في الصلاة إلا مع تيقن سعة الوقت للخطبة والصلاة وان كانتا مخففتين وجعل ذلك ضابطا كليا وقانونا جليا ، مع انه صرح في شرح قول المصنف «ولو خرج الوقت وهو فيها أتمها جمعة» بالاكتفاء بإدراك ركعة كما قدمنا نقله عنه عملا بخبر «من أدرك من الوقت ركعة» ومثله أيضا في شرح قول المصنف «وان تيقن أو غلب على ظنه ان الوقت لا يتسع لذلك» فإنه قال في ما طوينا ذكره من كلامه : وأجيب عنه بان الشروع فيها انما يشرع إذا ظن إدراك جميعها لأنها لا يشرع فيها القضاء وانما وجب الإكمال مع التلبس بها في الوقت للنهى عن إبطال العمل. وأورد عليه ان قوله (عليهالسلام) «من أدرك من الوقت ركعة» يعم الجميع. وأجيب بأن هذا الحديث مقيد بقيد يستفاد من خارج وهو كون الوقت صالحا للفعل للقطع بان ما لا يصلح للفعل يمتنع وقوعه فيه. وفيه نظر فإنه ان أريد بصلاحية الوقت للفعل إمكان إيقاعه فيه فهو متحقق هنا وان أريد غير ذلك فلا دليل عليه ومن ثم ذهب جمع من الأصحاب. إلى آخر ما تقدم في الموضع الثاني. وفيه ـ كما ترى ـ خروج عن ذلك الضابط الكلي الذي قرره سابقا من انه لا بد من تيقن اتساع الوقت للمقدار الواجب في صحة الدخول وانه لا يكفى الظن حيث انه هنا بعد أن أجاب عن الخبر بتقييده بهذا الضابط تنظر في ذلك واكتفى بمجرد إمكان اتساعه. وبالجملة فإن اضطراب كلامه في هذه المقالات الثلاث لا يخفى على المتأمل. واما ما علل به هنا وجوب الإكمال مع التلبس بها في الوقت من النهى عن إبطال العمل فهو ضعيف والحق كما قدمناه وهو انه لا يشرع الدخول فيها إلا مع تيقن سعة الوقت أو ظنه.
ثم انه لو ظهر الضيق بعد الدخول والحال هذه فوجوب الإتمام عليه انما هو من حيث ان اشتراط السعة إنما هو في الابتداء لا في الاستدامة ، فمتى دخل بناء على السعة وجب الإتمام وان كان خارج الوقت لعين ما تقدم في اشتراط العدد وما قدمناه من مسألة صلاة الكسوف ونحو ذلك.