(الثالث) في وجوب الإسماع وعدمه ، قال شيخنا الشهيد الثاني في الروض وهل يجب إسماع من يمكن سماعه من غير مشقة وان زاد على العدد؟ نظر من وجوب الإصغاء عليه كما سيأتي وهو لا يتم إلا بإسماعه ، ومن كون الوجوب بالنسبة إلى الزائد عن العدد مشروطا بإمكان السماع كما سيأتي فلا منافاة. وربما قيل بعدم وجوب الأسماع مطلقا لأصالة البراءة وان وجب الاستماع لتغاير محل الوجوبين فلا يستلزم وجوب الإصغاء على المأموم وجوب الأسماع على الخطيب ، ولان وجوبه مشروط بإمكان السماع كما مر. ووجوب الإصغاء غير مختص بالعدد لعدم الأولوية نعم سماع العدد شرط في الصحة ولا منافاة بينهما فيأثم من زاد وان صحت الخطبة كما ان الكلام لا يبطلها ايضا وان حصل الإثم. انتهى.
وقال في المدارك بعد ذكر المصنف (قدسسره) التردد في المسألة : منشأه أصالة عدم الوجوب وان الغرض من الخطبة لا يحصل بدون الأسماع ، والوجوب أظهر للتأسي وعدم تحقق الخروج عن العهدة بدونه ، ويؤيده ما روى (١) «ان النبي (صلىاللهعليهوآله) كان إذا خطب يرفع صوته كأنه منذر جيش». انتهى. وفيه ما لا يخفى فإن غاية ما تدل عليه أدلته هو الاستحباب لا الوجوب والاحتياط لا يخفى.
(المورد الرابع) اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في وقت الخطبة فذهب جملة : منهم ـ المرتضى وابن ابى عقيل وأبو الصلاح الى ان وقتها بعد الزوال فلا يجوز تقديمها عليه واختاره العلامة ونسبه في الذكرى الى معظم الأصحاب واليه مال في المدارك ، وقال الشيخ في الخلاف يجوز ان يخطب عند وقوف الشمس فإذا زالت صلى الفرض. وقال في النهاية والمبسوط : ينبغي للإمام إذا قرب من الزوال ان يصعد المنبر ويأخذ في الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتين زالت
__________________
(١) في سنن البيهقي ج ٣ ص ٢٠٦ عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله «ص» إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش ....