أقول : لم أقف على هذه الرواية إلا في كتاب الذكرى فإنه لم ينقلها صاحب الوافي الجامع لأخبار الكتب الأربعة ولا صاحب الوسائل مع جمعه لما زاد عنها ولا شيخنا المجلسي في البحار مع تصديه فيه لنقل جملة الأخبار ، والظاهر انه غفل عنها وإلا لنقلها عن الذكرى كما هو مقتضى قاعدته من التصدي لنقل جميع الأخبار وان كانت من كتب الفروع.
ويظهر من إطلاق صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة (١) جواز التفريق بان يبعض سورة واحدة في إحدى الركعتين ويقرأ في الأخرى خمسا والجمع في الركعة الواحدة بين الإتمام والتبعيض بان يتم سورة مثلا في القيام الأول ويبعض سورة في الأربعة الباقية ، وعلى ذلك تدل صحيحة البزنطي المنقولة في مستطرفات السرائر ونحوها صحيحة على بن جعفر المتقدمتان (٢) ايضا. وبالجملة فالذي يظهر من الأخبار هو جواز التبعيض في القيامات الخمسة أو بعضها مع الإتمام في بعض وانه يتخير في ذلك وان كان الأفضل قراءة خمس سور في كل ركعة.
وأما ما ذكره في المدارك ـ من قوله : ولا ريب ان الاحتياط يقتضي الاقتصار على قراءة خمس سور في كل ركعة أو تفريق سورة على الخمس ـ فالظاهر انه بنى على ما احتمله الشهيد في الذكرى هنا حيث قال : ويحتمل ان ينحصر المجزئ في سورة واحدة أو خمس سور لأنها ان كانت ركعة وجبت الواحدة وان كانت خمسا فالخمس فيمكن استناد ذلك الى تجويز الأمرين وليس بين ذينك واسطة. انتهى.
أقول : أنت خبير بأنه لا وجه له بعد ما عرفت من دلالة صحيحة البزنطي وعلى بن جعفر (٣) على جواز التفريق في ركعتين أو في ثلاث ، إلا انه يمكن الاعتذار عنهما بعدم وقوفهما على الخبرين المذكورين ، على ان إطلاق غيرهما من الأخبار المتقدمة ظاهر في ذلك ايضا سيما قوله (عليهالسلام) في صحيحة الحلبي «وان شئت قرأت
__________________
(١) ص ٣٢٦.
(٢ و ٣) ص ٣٣٠.