الإنصاف شبهة الإنكار. والله العالم.
الثالث ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في القنوت بعد التكبيرات السبع هل هو واجب أو مستحب؟ فالأكثر على الأول وهو الذي عليه المعول ونص المرتضى كما ذكره في الذكرى على انه مما انفرد به الإمامية ، وقال الشيخ في الخلاف انه مستحب لأن الأصل براءة الذمة من الوجوب.
وظاهر صاحب المدارك الميل الى ذلك فإنه بعد ان احتج للقول الأول بروايتي يعقوب بن يقطين وإسماعيل بن جابر (١) نقل عن الشيخ في الخلاف القول بالاستحباب والاحتجاج عليه بأصالة براءة الذمة من الوجوب. قال وجوابه ان الأصل يصار الى خلافه لدليل وقد بيناه. ثم قال : وقد يقال ان هاتين الروايتين لا تنهضان حجة في إثبات حكم مخالف للأصل خصوصا مع معارضتهما بعدة أخبار واردة في مقام البيان خالية من ذكر القنوت.
وأنت خبير بما فيه كما لا يخفى على الفطن النبيه (أما أولا) فلأنه قد حكم بصحة رواية يعقوب بن يقطين في صدر هذه المقالة في الاستدلال على بيان الكيفية والأمر كذلك وان ذكرها هنا عارية عن وصف الصحة ، وحينئذ فتمسكه بالأصل في مقابلة الخبر الصحيح الصريح الذي هو دليل شرعي عنده خروج عن قاعدته في هذا الكتاب بل القاعدة المتفق عليها بين الأصحاب.
و (أما ثانيا) فان الفصل بالقنوت والأمر به هنا ليس منحصرا في هاتين الروايتين بل هو موجود في جملة من الأخبار :
ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (٢) قال : «سألته عن الكلام الذي يتكلم به في ما بين التكبيرتين في العيدين فقال ما شئت من الكلام الحسن».
__________________
(١) ص ٢٤١.
(٢) الوسائل الباب ٢٦ من صلاة العيد.