كما تقدم في المقام ثم قال : وهي محمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين قوله (عليهالسلام) في صحيحة زرارة (١) «إنما صلاة العيدين على المقيم». انتهى كلامه زيد مقامه.
والعجب منه (قدسسره) انه مع اعترافه بعدم الظفر بما يدل عليه بالخصوص كيف حكم باستحسان ما ذكره الأصحاب وان كان بغير دليل مع مناقشاته للأصحاب في ما قامت الأدلة عليه بزعم انها ضعيفة باصطلاحه وان كانت مجبورة بالشهرة بينهم فكيف يوافقهم هنا من غير دليل بالكلية؟ وربما أوهم قوله : «ما يدل عليه بالخصوص» على وجود دليل بطريق العموم وليس كذلك.
وبالجملة فإن الذي وقفنا عليه من أخبار المسألة هو ما ذكرناه إلا ان ثبوت الاستحباب بها في المقام عندي لا يخلو من الإشكال لما أشرنا إليه في غير موضع مما تقدم من أن الاستحباب حكم شرعي يتوقف على الدليل الواضح ، ومجرد اختلاف الأخبار ليس بدليل إذ مبنى القول بالاستحباب هنا على الجمع بين الأخبار وإلا فلو خلينا وأدلة الثبوت لكانت دالة على الوجوب إلا ان ضرورة الجمع بينها وبين الأخبار الدالة على السقوط أوجب حملها على الاستحباب. وأيضا فإن إخراج ما ظاهره الوجوب عن حقيقته يحتاج إلى القرينة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز. ومحل الإشكال في روايات النساء حيث أن ظاهر جملة منها الوجوب عليهن وإلا فروايات المسافر لا إشكال فيها متى حملنا صحيحة سعد بن سعد على ما قدمنا ذكره من أن المراد بها صلاة المسافر مع من يصليها من الحاضرين دون أن ينشئ صلاة وحده أو جماعة مسافرين. وأما رواية سماعة فقد عرفت انها غير ظاهرة الدلالة. ويمكن حمل ما دل على الوجوب في النساء على العجائز منهن فلا ينحصر الجمع في الاستحباب كما ادعوه. والله العالم.
المسألة الخامسة ـ أجمع الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ كما حكاه العلامة في التذكرة والنهاية ـ على ان وقت صلاة العيدين ما بين طلوع الشمس الى الزوال.
__________________
(١) ص ٢٢١.