وبالجملة فالجمع بين الروايات هنا لا يخلو من اشكال سيما مع اعتضاد صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم باخبار الجماعة المستفيضة بالأمر بالتخفيف وعدم الإطالة رعاية لحال المأمومين ، إلا أن يقال باختصاص ذلك بهما (صلوات الله عليهما) في هذه الصلاة بخصوصها لأجل بسطها على مقدار زمان الكسوف. وفيه ما فيه. والله العالم
الخامس ـ انه يستفاد من الأخبار المتقدمة استحباب التكبير عند الرفع من كل ركوع إلا الخامس والعاشر فإنه يقول «سمع الله لمن حمده» وهذا التكبير من خصوصيات هذه الصلاة ، وانه يقنت خمس قنوتات ، والجميع مما لا خلاف فيه بين الأصحاب (رضوان الله عليهم).
إلا ان الشهيد في البيان قال انه يجزئ القنوت على الخامس والعاشر وأقله على العاشر. قال في المدارك ولم نقف على مأخذه.
أقول : ان كان مراده انه لم يقف على مأخذه ولو بالنسبة إلى الخامس والعاشر ففيه ما قدمنا نقله عن الصدوق من قوله «وان لم تقنت إلا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به» وان أراد من حيث الاكتفاء بالعاشر خاصة فهو كذلك ولعله لمجرد اعتبار كون هذه الصلاة في الحقيقة ركعتين فالقنوت انما هو في الثانية.
ومن مستحبات هذه الصلاة أيضا الجهر بالقراءة ، قال في المنتهى انه مذهب علمائنا وأكثر العامة (١) وقد تقدم ذلك في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم (٢)
__________________
(١) في عمدة القارئ ج ٣ ص ٥٠١ حكى الترمذي عن مالك والشافعي واحمد وإسحاق الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف ، وفي شرح مسلم للنووي مذهبنا ومذهب مالك وابى حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء انه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن واحمد وإسحاق يجهر فيهما. وحكى الرافعي عن الصيدلاني مثله عند أبي حنيفة. وقال محمد بن جرير الطبري الجهر والأسرار سواء قال العيني وما حكاه النووي عن مالك هو المشهور عنه ، وقال ابن العربي روى المصريون عنه انه يسر وروى المدنيون عنه انه يجهر والجهر عندي أولى.
(٢) ص ٣١٦.