السعي فإن المندوب لا يكون شرطا للواجب ، وأكثر الأصحاب علقوا التحريم على الأذان لظاهر الآية بل صرح بعضهم بالكراهة بعد الزوال قبل الأذان وهو أوضح دلالة وان كان ما هنا أجود. انتهى. وهو جيد.
ويميل إليه أيضا كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد حيث قال : والظاهر ان النداء كناية عن دخول الوقت فلو لم يناد يحرم ايضا ويجب السعى ، فقول المصنف «بعد الزوال» إشارة إلى تفسير الآية أحسن من كلام غيره «بعد النداء» إذ دليل التحريم ظاهر الآية فإنه إذا كان ترك البيع واجبا كما يدل عليه «وذروا البيع» يكون الفعل حراما لأن الأمر بالسعي للفور لترتبه على «إذا». إلى آخر كلامه زيد في مقامه
وبذلك يظهر لك ما في كلام الفاضل الخراساني في الذخيرة حيث قال : ثم لا يخفى ان المذكور في عبارات الأصحاب تحريم البيع بعد الأذان حتى ان المصنف في المنتهى والنهاية نقل إجماع الأصحاب على عدم تحريم البيع قبل النداء ولو كان بعد الزوال. ثم نقل ما قدمنا نقله عن المنتهى الى أن قال فما اختاره في هذا الكتاب من إناطة التحريم بالزوال واختاره الشارح الفاضل محل تأمل. انتهى ، فان فيه انه لا مجال للتأمل هنا إلا ان كان باعتبار مخالفة الإجماع المنقول وفيه ما قد عرفت ولا سيما ما شرحناه آنفا من أحوال هذه الإجماعات وبه صرح هو أيضا في كتابه في غير موضع ، إلا أن مقتضى النظر في الأدلة وتحقيق ما هو الحق المستفاد منها إنما هو في ما ذكره هذان الفاضلان المحققان كما لا يخفى على من أعطى التأمل حقه في ما ذكراه فإنه جيد متين وجوهر ثمين كما لا يخفى على الحاذق المكين.
الثاني ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في غير البيع من العقود والإيقاعات كالصلح والإجارة والنكاح والطلاق ونحوها ، فألحقها العلامة (قدسسره) وجماعة بالبيع للمشاركة في العلة المومأ إليها في قوله سبحانه تعالى «ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» (١) وإنما خص البيع بالذكر لان فعله كان أكثريا لأنهم كانوا يهبطون إلى
__________________
(١) سورة الجمعة الآية ٩.