المدينة من سائر القرى لأجل البيع والشراء. وأيضا فإن ظاهر الآية يقتضي وجوب السعى بعد النداء على الفور لا من جهة الأمر لعدم دلالته على الفورية كما تقرر في الأصول بل من جهة ان الأمر بترك البيع والسعى إلى الصلاة قرينة إرادة المسارعة فيكون كل ما نافاها كذلك.
أقول : ويعضد ذلك رواية السري المتقدمة (١) وان كانت بلفظ الكراهة إلا انك قد عرفت ان حملها على التحريم غير بعيد وقد دلت على كراهة السعى في الحوائج الذي هو أعم من العقود أيضا كما ذهب اليه بعضهم في المقام.
وقال المحقق في المعتبر : وهل يحرم غير البيع من العقود؟ الأشبه في المذهب لا خلافا لطائفة من الجمهور (٢) لاختصاص النهى بالبيع فلا يتعدى الى غيره
واستشكله العلامة في جملة من كتبه نظرا إلى العلة المومأ إليها في الآية كما قدمنا ذكره ومن ثم مال في جملة من كتبه إلى الإلحاق بالبيع ، وظاهره في المدارك الميل الى ذلك ، والظاهر انه هو المشهور بين المتأخرين.
وقال في الذكرى : ولو حملنا البيع على المعاوضة المطلقة الذي هو معناه الأصلي كان مستفادا من الآية تحريم غيره. ويمكن تعليل التحريم بان الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده ولا ريب ان السعى مأمور به فيتحقق النهى عن كل ما ينافيه من بيع وغيره وهذا أولى ، وعلى هذا يحرم غير العقود من الشواغل عن السعى. انتهى
وأورد عليه أما بالنسبة إلى الأول فإن حمل البيع على مطلق المعاوضة على الأعيان والمنافع خلاف المعنى الشرعي والعرفي. وعلى الثاني انه خلاف ما ذهب إليه في مواضع من كتابه من أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص.
أقول : والحق في المقام أن يقال ان المسألة لما كانت خالية من النص الصريح كان الاحتياط فيها واجبا وهو في جانب القول بالتحريم ويخرج ما ذكرناه من الوجوه
__________________
(١) ص ١٦٣.
(٢) المغني ج ٢ ص ٢٩٨ وعمدة القارئ ج ٣ ص ٢٨٢.