وبالجملة ان الأمر الخارج في هذه الاستخارة نص في رجحان الفعل المأمور به واشتماله على المصلحة والمنفعة ، والتخيير فيها بمعنى مساواة الفعل والترك بلا رجحان لأحدهما على الآخر ، والنهى نص في مرجوحية ذلك الأمر وعدم حصول مصلحة فيه ووجود مفسدة واما الأمر في ذات الوجهين فقد عرفت انه القدر الأعم أعني الأمن من الضرر سواء حصلت فيه مصلحة أم لا ، ومن ثم يجوز نظرا الى ذلك أخذ خيرة اخرى على مقابل ذلك الأمر المأمور به ، فان خرجت أمرا كذلك دل على تساوى الأمرين والتخيير بينهما ، وان خرجت نهيا دل على رجحان ذلك الأمر المأمور به أولا. وأما بالنظر الى هذه الرواية المشتملة على الشقوق الثلاثة فلا ينبغي معاودة الخيرة في مقابل ما خرج مطلقا لاشتمالها على التفصيل القاطع للاحتمال. والله العالم. انتهى كلامه طيب الله مرقده وأعلى في جوار الأئمة مقعده.
فائدتان
الأولى ـ المستفاد من الأخبار استحباب الاستخارة لكل شيء وتأكدها حتى في المستحبات ، وان الأفضل وقوعها في الأوقات الشريفة والأماكن المنيفة والرضا بما خرجت به وان كرهته النفس.
ومما يؤكد هذا ما رواه ابن طاوس بأسانيد عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال «كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن. ثم قال ما أبالي إذا استخرت الله على أى جنبي وقعت» وفي رواية أخرى «على اى طريق وقعت».
وروى البرقي في المحاسن عن محمد بن مضارب (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليهالسلام) من دخل في أمر بغير استخاره ثم ابتلى لم يؤجر». ورواه ابن طاوس بأسانيد عديدة (٣) وفيه دلالة على ذم تارك الاستخارة في الأمور التي يأتي بها.
وروى في المحاسن ايضا عنه (عليهالسلام) (٤) انه قال «قال الله عزوجل من شقاء
__________________
(١) الوسائل الباب ١ و ٧ من صلاة الاستخارة.
(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٧ من صلاة الاستخارة.