صحة سند أكثرها صريحة في التحريم والحمل على الكراهة مجاز لا يصار اليه إلا مع القرينة ولا قرينة فيها تؤذن بذلك ، ووجود المخالف ليس قرينة إذ يحتمل الحمل على معنى آخر من تقية ونحوها. ويحتمل العكس ايضا. وبالجملة فإنه لا يحضرني الآن مذهب المخالفين في هذه المسألة (١) ولعل أخبار أحد الطرفين انما خرج مخرج التقية واما القولان الآخران فلم نقف لهما على دليل. والله العالم.
واما الثالث وهو المحدود فان كان قبل التوبة فلا إشكال في عدم جواز الائتمام به لفسقه ، وان كان بعدها فقد حكم الأكثر بكراهة إمامته ، وعلله في المعتبر بنقص رتبته عن منصب الإمامة وان زال فسقه بالتوبة. ونقل عن ابى الصلاح انه منع من امامة المحدود بعد التوبة إلا بمثله. ورده الأكثر بأن المحدود ليس اسوأ حالا من الكافر وبالتوبة واستجماع الشرائط تصح إمامته. أقول : ومما ردوا به كلام ابى الصالح يعلم الرد لما ذكروه من الكراهة أيضا فإن الظاهر انهم لا يقولون بكراهة الائتمام بالكافر بعد الإسلام إذا استجمع شرائط الإمامة فالمحدود بطريق اولى بمقتضى ما ذكروه. والظاهر حمل الأخبار المتقدمة الدالة على النهى عن الائتمام به على ما قبل التوبة لظهور الفسق المانع من ذلك.
واما الرابع وهو الأعرابي فالمراد به الأعرابي بعد الهجرة كما أفصح به خبر الأصبغ بن نباتة وخبر محمد بن مسلم وعليهما يحمل ما أطلق في غيرهما ، والوجه في المنع من إمامته ظاهر لإخلاله بالواجب عليه وهو الهجرة وإصراره على الترك بغير عذر شرعي ، وسيأتي ان شاء الله تعالى في جملة من الأخبار الدالة على عدد الكبائر ان من جملتها التعرب بعد الهجرة إلا ان تحققه في مثل هذه الأزمنة غير معلوم.
والأصحاب في هذه المسألة منهم من أطلق المنع كالشيخ وجماعة ومنهم من أطلق الكراهة.
__________________
(١) في بدائع الصنائع ج ١ ص ١٥٦ «تجوز امامة العبد والأعرابي والأعمى وولد الزنا وعليه قول العامة لقوله (ص) : صلوا خلف من قال لا إله إلا الله».