إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد وقع الخلاف هنا في مواضع (الأول) في التكبيرات الزائدة وهي التكبيرات التسع هل هي واجبة أو مستحبة؟ فالذي عليه الأكثر ـ ومنهم السيد المرتضى وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس ـ الوجوب وقال الشيخ المفيد في المقنعة : من أخل بالتكبيرات التسع لم يكن مأثوما إلا انه يكون تاركا سنة ومهملا فضيلة. وهو صريح في الاستحباب.
واستدل له الشيخ في التهذيب بصحيحة زرارة (١) قال : «ان عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر (عليهالسلام) عن الصلاة في العيدين فقال الصلاة فيهما سواء : يكبر الإمام تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ، وان شاء ثلاثا وخمسا وان شاء خمسا وسبعا بعد ان يلحق ذلك الى وتر». قال الشيخ : ألا ترى انه جوز الاقتصار على الثلاث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات وهذا يدل على ان الإخلال بها لا يضر الصلاة.
والى هذا القول مال جملة من المتأخرين : منهم ـ المحقق في المعتبر وغيره. وأجاب في الاستبصار عن هذه الرواية وما في معناها بالحمل على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة (٢) قال ولسنا نعمل به وإجماع الفرقة المحقة على ما قدمناه.
واستدل في المدارك للقول المشهور ـ حيث اختاره وجعله الأصح ـ بالتأسي وظاهر الأمر.
وأنت خبير بان استدلاله بالتأسي هنا لا وجه له وان وقع منه مثله في غير موضع كما وقع منه رد ذلك أيضا في غير موضع ، وهذا من جملة المواضع التي اضطرب فيها كلامه كما تقدمت الإشارة إليه في مواضع من الكتاب. والتأسي انما يمكن الاستدلال به على الوجوب في ما علم وجوبه على المعصوم (عليهالسلام) لا مطلقا كما
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ من صلاة العيد.
(٢) نيل الأوطار ج ٣ ص ٢٥٣ والبحر الرائق ج ٢ ص ١٦٠.