الأخبار على كتاب الله تعالى والسنة النبوية ولكن عادة أصحاب هذا الاصطلاح ولا سيما السيد صاحب المدارك الدوران مدار صحة السند فمتى كان السند صحيحا لم ينظر الى ما دل في متن الخبر من العلل كما قدمنا التنبيه عليه في غير موضع من ما تقدم. وبالجملة فكلام هؤلاء الأعيان في هذا المكان أظهر في البطلان من أن يحتاج إلى زيادة على ما ذكرنا من البيان. والله العالم.
(المقام الرابع) في الكبائر وعددها وانها عبارة عما ذا وانه هل جميع الذنوب كبائر أو بعضها صغائر وبعضها كبائر؟
والكلام هنا يقع في موضعين (الأول) في الكبائر وعددها ، اعلم انه قد اختلفت كلمة العلماء في تفسير الكبيرة على أقوال منتشرة ، فقال قوم هي كل ذنب توعد الله تعالى عليه بالعقاب في الكتاب العزيز ، وقال آخرون هي كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح بالوعيد ، وقال طائفة هي كل معصية تؤذن بقلة اكتراث فاعلها بالدين ، وقال جماعة هي كل ذنب علمت حرمته بدليل قاطع ، وقيل كل ما توعد عليه توعدا شديدا في الكتاب أو السنة ، وقيل هي ما نهى الله عنه في سورة النساء من أولها إلى قوله تعالى «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ ... الآية» (١) وقال قوم انها سبع : الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وقذف المحصنة وأكل مال اليتيم والربا والفرار من الزحف وعقوق الوالدين ، وقيل انها تسع بزيادة السحر والإلحاد في بيت الله أى الظلم فيه ، الى غير ذلك من الأقوال الكثيرة المنسوبة إلى العامة (٢).
والمختار من هذه الأقوال الأول والظاهر انه المشهور بين أصحابنا بل قال
__________________
(١) الآية ٣٥.
(٢) في بدائع الصنائع ج ٦ ص ٢٦٨ «اختلف في ماهية الكبائر والصغائر فقال بعضهم ما فيه حد في كتاب الله فهو كبيرة وما ليس فيه حد فهو صغيرة ، وقال بعضهم ما يوجب الحد كبيرة وما لا يوجبه صغيرة ، وقال بعضهم كل ما جاء مقرونا بوعيد فهو كبيرة».