زائد على مجرد الإسلام ، ووجه الإجمال في هذه العبارة في الخبرين انما هو التقية التي هي في الأحكام الشرعية أصل كل بلية ، وذلك ان السائل في الخبر الثاني لما سأله عن كيفية طلاق السنة أجاب (عليهالسلام) بالحكم الشرعي الواضح وهو ان يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل ان يغشاها بشاهدين عدلين كما قال الله عزوجل في كتابه (١) فإن خالف ذلك رد الى الكتاب بمعنى انه يبطل ما اتى به من الطلاق لمخالفته الكتاب ، ولا ريب ان الطلاق بشهادة الناصب باطل بمقتضى هذا التقرير عند كل ذي انس باخبار أهل البيت ومعرفة مذهبهم (عليهمالسلام) وما يعتقدونه في مخالفيهم من الكفر والشرك والعداوة والنصب فيجب رد من أشهدهما على طلاق الى كتاب الله الدال على بطلان هذا الطلاق لاشتراط عدالة الشاهد بنص الكتاب لكن لما سأل السائل بعد ذلك عن خصوص ذلك وكان المقام لا يقتضي الإفصاح بالجواب ب «لا أو نعم» أجمل (عليهالسلام) في الجواب بما فيه إشارة إلى انه لا يجوز ذلك بعبارة موهمة للجواز فقال (عليهالسلام) «كل من ولد على الفطرة الإسلامية وعرف فيه خير جازت شهادته». وهذا في بادئ النظر يعطى ما توهمه هؤلاء من كون الناصب تجوز شهادته لانه ولد على فطرة الإسلام وفيه خير إلا انه لما كان الناصب بمقتضى مذهبهم (عليهمالسلام) من أخبارهم وتتبع سيرهم لا خير فيه ولا صلاح بالكلية لما أسلفنا ذكره وجب إخراجه في المقام وحمل العبارة المذكورة على من عداه. ومن ما ذكرنا يعلم الكلام في الرواية الاولى. وبذلك يظهر لك زيادة على ما قدمناه ما في كلام السيد السند وقوله ان الروايتين سالمتان من المعارض.
وبالجملة فان الواجب في الاستدلال بالخبر في هذا الموضع وغيره النظر الى انطباق موضع الاستدلال على مقتضى القواعد المعتبرة والقوانين المقررة في الأخبار فمتى كان الخبر مخالفا لها وخارجا عنها وجب طرحه وامتنع الاستناد اليه وان كان صحيح السند صريح الدلالة لاستفاضة أخبارهم (عليهمالسلام) بعرض
__________________
(١) قوله تعالى في سورة الطلاق الآية ٢ «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ».