قدمنا ذكره وأوسعنا نشره في مسألة غسل الميت من كتاب الطهارة سوى ما يظهر من كلامه من الاتفاق على هذا الحكم حتى من متأخري المتأخرين الذين عادتهم المناقشة في طلب الدليل ، فإنه لم يناقش أحد منهم في هذا الحكم بل تلقوه بالقبول والتسليم ، والمفهوم من الاخبار الواردة في أحكام الأموات هو توجه الخطاب إلى الولي من غسل وصلاة وتكفين وتلقين ونحوها ، ولو كان الأمر على ما ذكروه من الوجوب كفائيا على كافة المسلمين فكيف تخرج الاخبار في هذه الأحكام بما ذكرناه؟ وهم لما نظروا الى هذين الخبرين في مسألة الصلاة الدالين على اختصاص الولي بها أوردوا هذا الإشكال وأجابوا عنه بما عرفت ، والحال ان الأمر ليس مختصا بالصلاة كما لا يخفى على المتتبع بل هو عام لجملة أحكام الميت وحينئذ فقول شيخنا الشهيد الثاني في الجواب هنا بما ذكره وان تم بالنسبة إلى الصلاة إلا انه لا يحسم مادة الإشكال بالنسبة إلى غيرها من الأحكام التي ورد الخطاب فيها للولي خاصة ، وما ذكره السيد السند جيد لو قام الدليل على الوجوب الكفائي الذي يدعونه.
نعم يمكن أن يقال بالوجوب على سائر المسلمين كفاية مع تعذر الولي أو إخلاله بالقيام بذلك كما تدل عليه أخبار العراة الذين مروا بميت قذفه البحر الى الساحل فإنهم أمروا بالصلاة عليه ودفنه (١) ونحوها ما تقدم في صحيحة على بن جعفر في أكيل السبع تبقى عظامه (٢) قال : «يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن». فإنها تدل بإطلاقها على ذلك ، وقوله (صلىاللهعليهوآله) (٣) «لا تدعوا أحدا من أمتي بغير صلاة». وقول الباقر (عليهالسلام) (٤) «صل على من مات من أهل القبلة وحسابه على الله تعالى».
ثم انه مع وجود الولي فإن كان متصفا بشرائط الإمامة جاز له التقدم والاستنابة وإلا تعين عليه الاستنابة وليس لأحد أن يتقدم بدون إذنه.
بقي هنا شيء وهو ان ظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) اشتراط العدالة في إمام
__________________
(١) الوسائل الباب ٣٦ من صلاة الجنازة.
(٢) ص ٣٧٥.
(٣) في رواية السكوني ص ٣٦٥.
(٤) في رواية طلحة ص ٣٦٤.