ما يدل عليه بل الذي نقلناه من الأخبار بخلافه كما رأيت. والله العالم.
(المقام الخامس) ـ اعلم انه قد صرح جملة من أصحابنا : منهم ـ شيخنا العلامة المجلسي في كتاب البحار وشيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني وتلميذه المحدث الشيخ عبد الله بن صالح البحراني بأن العدالة المشترطة في الإمامة والشهادة والقضاء والفتوى أمر واحد بأي الأقوال الثلاثة المتقدمة فسرت كان جميع من ذكر مشتركين فيها ، وقد جرينا على هذا القول سابقا في جملة من زبرنا ورسائلنا ، والذي ظهر لنا الآن بعد التأمل في الأخبار بعين الفكر والاعتبار ان العدالة في الحاكم الشرعي من قاض ومفت أخص من ما ذكر من معنى العدالة بأي المعاني المتقدمة اعتبرت لأنه نائب عن الامام (عليهالسلام) وجالس في مجلس النبوة والإمامة ومتصدر للقيام بتلك الزعامة فلا بد فيه من مناسبة للمنوب عنه بما يستحق به النيابة وذلك بان يكون متصفا بعلم الأخلاق الذي هو السبب الكلى المقرب من الملك الخلاق وهو تحلية النفس بالفضائل وتخليتها من الرذائل وان كان هذا العلم الآن قد عفت مراسمه وانطمست في هذه الأزمنة معالمه وانما المدار بين الناس الآن على العلم بهذه العلوم الرسمية المجامعة للفسق في جل من تسمى بها.
ويكفيك في صحة ما ذكرناه قول أمير المؤمنين (عليهالسلام) لشريح (١) «يا شريح جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي».
ويدل على ما ذكرناه جملة من الأخبار ، ومنها ما رواه الثقة الجليل أبو منصور احمد بن ابى طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج (٢) بسنده الى الامام العسكري (عليهالسلام) ـ وهو موجود أيضا في تفسيره ـ عن الرضا (عليهالسلام) قال : «قال على بن الحسين (عليهالسلام) إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته فرويدا لا يغرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف
__________________
(١) الوسائل الباب ٣ من صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به.
(٢) ص ١٦٤.