مرضيا غير مشهور بكذب في شهادته ولا بارتكاب كبيرة ولا مقام على صغيرة حسن التيقظ عالما بمعاني الأقوال عارفا بأحكام الشهادة غير معروف بحيف على معامل ولا بتهاون بواجب من علم أو عمل ولا معروف بمباشرة أهل الباطل ولا الدخول في جملتهم ولا بالحرص على الدنيا ولا بساقط المروة بريئا من أقوال أهل البدع التي توجب على المؤمنين البراءة من أهلها فهو من أهل العدالة المقبولة شهادتهم.
وقال الشيخ في المبسوط : العدالة في اللغة أن يكون الإنسان متعادل الأحوال متساويا ، وفي الشريعة هو من كان عدلا في دينه عدلا في مروته عدلا في أحكامه ، فالعدل في الدين أن يكون مسلما لا يعرف منه شيء من أسباب الفسق ، وفي المروة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة مثل الأكل في الطرقات ومد الأرجل بين الناس ولبس الثياب المصبغة ، والعدل في الأحكام أن يكون بالغا عاقلا ، فمن كان عدلا في جميع ذلك قبلت شهادته ومن لم يكن عدلا لم تقبل شهادته.
نقل جميع هذه الأقوال العلامة في المختلف ، قال : والتحقيق ان العدالة كيفية نفسانية راسخة تبعث المتصف بها على ملازمة التقوى والمروة وتتحقق باجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر. انتهى.
وأنت خبير بان هذه العبارات عدا عبارتي المبسوط والمختلف كلها ظاهرة الدلالة في القول الثالث الذي سيأتي تحقيقه ان شاء الله تعالى وهو المختار من بين هذه الأقوال ، وبه يظهر لك صحة ما ذكرناه من تعارض أقوال هؤلاء الثلاثة الذين تقدم النقل عنهم وتصريح جملة من غيرهم بما ذكرناه من العدالة التي هي أمر زائد على مجرد الإسلام.
و (خامسا) ان ما استند اليه من الأخبار معارض بما هو أوضح وأصرح مع قبول ما ذكره للتأويل والرجوع الى الروايات الدالة على ما ادعيناه كما سيأتي ذكر ذلك ان شاء الله تعالى مشروحا مبرهنا.
(الثالث) من الأقوال في المسألة انها عبارة عن حسن الظاهر وهو قول أكثر متأخري المتأخرين مستندين فيه صحيح ابن ابى يعفور الآتي ان شاء