ان كان الأصلح في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فعل ما أنا عازم عليه فأمرني وإلا فانهني انك على كل شيء قدير. ثم يقبض قبضة من السبحة ويعدها «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله» الى آخر القبضة ، فإن كان الأخير «سبحان الله» فهو مخير بين الفعل والترك وان كان «الحمد لله» فهو أمر وان كان «لا إله إلا الله» فهو نهى».
ثم قال (قدسسره) أقول : لا يخفى على المتأمل بعين البصيرة ان هذه الاستخارة الشريفة أيضا تضمنت تقسيم الأمر المستخار فيه الى أمر ونهى ومخير والأكثر في الاستخارات انما تضمنت الأمر والنهى ، بل هذه الرواية أيضا تضمنت ما يقتضي الانحصار فيهما لقوله (عليهالسلام) «وإلا فانهني» ولم يذكر التخيير في الدعاء وذكره في آخر الرواية ، والذي ينبغي ان يقال في وجه الجمع ان الأمر والنهى هنا ليس على نحوهما في العبادات من البلوغ الى حد الوجوب والتحريم بل انه لمجرد الإرشاد والاستصلاح ، إذ الغرض من الاستخارة طلب ما هو الأصلح والأنجح لما في الدخول في الأمور والتهجم عليها من غير استخاره من احتمال تطرق المهالك وعدم الأمن من المعاطب في جميع المسالك ، وأقله احتمال حرمان المطلوب وعدم الظفر بالأمر المحبوب كما جاء في الخبر (١) «من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخرنى». ولانه بعد الاستخارة يكون آمنا من تطرق أسباب الحرمان وسالما من آفات العطب والخذلان ، فكان العمل بالاستخارة أمرا راجحا وطريقا واضحا عند كل من له عقل سليم وذهن قويم ، وحيث كان راجحا بترتب المنافع واندفاع المكاره ومرجوحا بالعكس من ذلك أو متساوي الطرفين بان يكون الأمر ان الفعل والترك سواء في ترتب الأمرين كالأمر الذي يتخير فيه الإنسان لا يخلو من الثلاثة الأقسام كما دلت عليه الرواية الشريفة وأما الروايات المنحصرة في الأمر والنهى فالظاهر ان الأمر فيها ما يشمل الراجح والمساوي بأن يراد به القدر الأعم أعني الأمن من الضرر سواء كان فيه مصلحة أو عدم مشقة أو انتفاء المفسدة فقط.
__________________
(١) الوسائل الباب ٧ من صلاة الاستخارة.