إليهما بحيث لا يتمالك فترك الأكبر وفعل الأصغر فإنه يكفر عنه الأصغر لما استحقه من الثواب على ترك الأكبر كمن عن له التقبيل والنظر بشهوة فكف عن التقبيل وارتكب النظر.
وهذا الجواب ذكره في كنز العرفان وأورده البيضاوي في تفسيره ونقله شيخنا البهائي في كتاب الأربعين وأمر بالتأمل فيه ، ثم انه بين وجه التأمل في حاشية الكتاب بما هو ظاهر في بطلان هذا الجواب ، فحيث قال : انه يلزم منه ان من كف نفسه عن قتل شخص وقطع يده مثلا يكون مرتكبا للصغيرة وتكون مكفرة عنه ، اللهمّ إلا ان يراد بالأصغر ما لا أصغر منه وهو في هذا المثال أقل ما يصدق عليه الضرر لا قطع اليد. وفيه ما فيه فليتأمل. انتهى. وهو جيد وجيه.
ويدل على ذلك ايضا ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا (١) قال : «قال الصادق (عليهالسلام) من اجتنب الكبائر كفر الله عنه جميع ذنوبه وذلك قول الله عزوجل (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً)» (٢).
ويشهد له ايضا قوله تعالى «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ» (٣) واللمم عبارة عن الصغائر أو نوع خاص منها :
ففي الكافي (٤) عن محمد بن مسلم في الصحيح عن ابى عبد الله (عليهالسلام) قال : «هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله تعالى ثم يلم به بعد».
وعنه (عليهالسلام) (٥) في تفسير الآية المذكورة قال : «الهنة بعد الهنة أي الذنب بعد الذنب يلم به العبد».
قال في كتاب مجمع البحرين ومطلع النيرين : قال ابن عرفة اللمم عند العرب ان يفعل الإنسان الشيء في الحين لا يكون له عادة ، ويقال اللمم هو ما يلم به العبد من
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٤ من جهاد النفس.
(٢) سورة النساء الآية ٣٥.
(٣) سورة النجم الآية ٣٣.
(٤ و ٥) الأصول ج ٢ ص ٤٤١ باب اللمم. والحديث «٥» عن أحدهما «ع».