معذورا عقلا ونقلا لعدم تقصيره في السعي لطلب الحق وتحصيله الذي أمر به وكذا يقوم العذر لمنكري النبوات وأهل الملل والأديان وهذا في البطلان أظهر من ان يحتاج الى بيان. وبالجملة فإنه ان كان هذا الاعتقاد الذي جعله طاعة وعدم العلم بالحق الذي ذكره انما نشأ عن بحث ونظر يقوم بهما العذر شرعا عند الله فلا مناص عن ما ذكرناه وإلا فلا معنى لكلامه بالكلية كما هو الظاهر لكل ذي عقل وروية.
(الثالث) انه قد استفاضت الروايات والاخبار عن الأئمة الأبرار (عليهمالسلام) ـ كما بسطنا عليه الكلام في كتاب الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب ـ بكفر المخالفين ونصبهم وشركهم وان الكلب واليهودي خير منهم (١). وهذا مما لا يجامع الإسلام البتة فضلا عن العدالة ، واستفاضت ايضا بأنهم ليسوا من الحنيفية على شيء (٢). وانهم ليسوا إلا مثل الجدر المنصوبة (٣). وانه لم يبق في يدهم إلا مجرد استقبال القبلة (٤). واستفاضت بعرض الأخبار على مذهبهم والأخذ بخلافه (٥) واستفاضت ايضا ببطلان أعمالهم (٦) وأمثال ذلك مما يدل على خروجهم عن الملة المحمدية والشريعة النبوية بالكلية والحكم بعدالتهم لا يجامع شيئا من ذلك كما لا يخفى.
(الرابع) انه يلزم من ما ذكره ـ من ان الخير نكرة في سياق الإثبات فلا يعم وكذا قول سبطه : ان التعريف في قوله (عليهالسلام) «وعرف بالصلاح في نفسه» للجنس لا للاستغراق ـ دخول أكثر الفسقة والمردة في هذا التعريف إذ ما من فاسق في الغالب إلا وفيه صفة من صفات الخير فإذا جاز اجتماع العدالة مع فساد العقيدة
__________________
(١) ارجع الى ج ٥ ص ١٨٥ و ١٨٧.
(٢ و ٥) الوسائل الباب ٩ من صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به.
(٣) الوسائل الباب ١٠ من صلاة الجماعة.
(٤) في الفصول المهمة للحر العاملي ص ٧٤ الباب ٢٩ عن ابى عبد الله «ع» قال «والله ما بقي في أيديهم شيء من الحق الا استقبال القبلة» ....
(٦) الوسائل الباب ٢٩ من مقدمة العبادات.