(الثاني) انه لا خلاف بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) من هؤلاء القائلين بهذا القول وغيرهم في كفر الناصب ونجاسته وحل دمه وماله وان حكمه حكم الكافر الحربي ، وانما الخلاف في المخالف الغير الناصب هل يحكم بإسلامه كما هو المشهور بين المتأخرين أم بكفره كما هو المشهور بين المتقدمين؟ والروايتان قد اشتملتا على السؤال عن شهادة الناصبين على الطلاق فكيف يتم الحكم بالإسلام ثم صحة الطلاق فرعا على ذلك مع الاتفاق نصا وفتوى على الكفر كما عرفت؟ إلا ان يريدوا بالإسلام مجرد الانتحال للإسلام وحينئذ فتدخل فيه الخوارج والمجسمة والمشبهة فتكون ظلمات بعضها فوق بعض.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وحملنا الناصب في الخبرين على المخالف كما ربما يدعيه الخصم حيث ان مذهبهم الحكم بإسلام المخالفين فانا نقول ان قبول شهادة المخالف مخالف للأدلة الشرعية كتابا وسنة الدالة على عدم قبول شهادة الفاسق والظالم (١) واى فسق وظلم أظهر من الخروج من الإيمان والإصرار على ذلك الاعتقاد الفاسد المترتب عليه ما لا يخفى من المفاسد.
واما ما أجاب به المحدث الكاشاني في المفاتيح تبعا للمسالك ـ من ان الفسق انما يتحقق بفعل المعصية مع اعتقاد كونها معصية لا مع اعتقاد كونها طاعة والظلم انما يتحقق بمعاندة الحق مع العلم به ـ فهو مردود بأنه لو تم هذا الكلام المنحل الزمام المموه الفاسد الناشئ من عدم إعطاء التأمل حقه في هذه المقاصد لاقتضى قيام العذر للمخالفين وعدم استحقاق العذاب في الآخرة ولا أظن هؤلاء القائلين يلتزمونه ، وذلك فان المكلف إذا بذل جده وجهده في طلب الحق وأتعب الفكر والنظر في ذلك واداه نظره الى ما كان باطلا في الواقع لعروض الشبهة له فلا ريب في انه يكون
__________________
(١) اما الكتاب فقوله تعالى في سورة الحجرات الآية ٦ «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).» وقوله تعالى في سورة هود الآية ١١٥ «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» واما السنة فيرجع فيها الى الوسائل الباب ٣٠ من الشهادات.