المذكور بعد ذكر الرواية : ويستفاد من هذه الرواية انه يقدح في العدالة فعل الكبيرة التي أوعد الله عليها النار وانه يكفى في الحكم بها ان يظهر من حال المكلف كونه ساترا لعيوبه ملازما لجماعة المسلمين. انتهى.
أقول : كما انه يستفاد من الرواية قدح فعل الكبيرة في العدالة كذلك يستفاد منها قدح فعل الصغيرة فلا وجه لتخصيص الكبيرة بالذكر بل ربما أوهم ان فعل الصغيرة غير مخل بالعدالة وهو وان وافق مذهبه في اكتفائه في معنى العدالة بمجرد الإسلام إلا ان الخبر ظاهر في ما قلناه من قدح فعل الصغيرة ، فإن قوله (عليهالسلام) «ان تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن. الى آخره» راجع الى اجتناب الصغائر ثم عطف عليها اجتناب الكبائر ، وملخصه انه يجب ان يعرف بالتقوى والعفاف عن كل صغيرة وكبيرة ، ولا يخفى انه لا يمكن ذلك إلا بالمعاشرة والاطلاع على أحواله كما قدمنا ذكره.
واما ما ذكره ـ بقوله «ويكفي في الحكم بها ان يظهر من حال المكلف كونه ساترا لعيوبه» إشارة الى ما يدعونه من ان حسن الظاهر عبارة عن ان لا يظهر منه عيب للناس ولا فسق ـ فقد عرفت ما فيه وانه كلام مجمل ولكنه ليس هو المراد هنا من كلامه وانما كلامه (عليهالسلام) هنا وقع من قبيل الإجمال بعد التفصيل ، فإنه بعد أن فسر العدالة بأنها عبارة عن ان يعرف بكذا وكذا الراجع إلى انه لا بد من العلم بتقواه وكفه عن هذه الأشياء أجمل ذلك فقال : ومجملة ان لا يقف أحد على عيب يذم به بل يكون صلاحه وتقواه وما علم منه ساترا لعيوبه بغلبته عليها واضمحلالها به فلا يجوز لهم بعد ذلك البحث والتفتيش عن انه هل له عثرات وعيوب أم لا؟
وأنت إذا أعطيت التأمل حقه في معنى هذه الرواية كما شرحناه وأوضحناه وجدتها قريبة من القول المشهور بين المتأخرين وانه لا فرق بينها وبين ما ذهبوا اليه إلا من حيث اعتبارهم كون التقوى ملكة وقد عرفت انه لا دليل عليه وإلا فاشتراط العلم بالصلاح والتقوى والعفاف وعدم الإخلال بالواجبات واجتناب