أقول : وقد اضطرب في التفصي عن هذا الخبر شيخنا الشيخ سليمان وتلميذه المحدث المتقدم ذكرهما بناء على ما قدمنا نقله عنهما من حكمهما باتحاد معنى العدالة في كل من اشترط اتصافه بها ، فقال المحدث الصالح المذكور ـ في كتاب منية الممارسين في أجوبة الشيخ ياسين بعد الكلام في العدالة وما به تتحقق ونقل هذا الخبر ـ ما صورته : انه محمول على تعريف الامام والولي ومن يحذو حذوهما من خواص الصلحاء وخلص أهل الإيمان الذين لا تسمح الأعصار منهم إلا بأفراد شاذة وآحاد نادرة ، ويرشد اليه قوله (عليهالسلام) : «فذلكم الرجل نعم الرجل فبه فتمسكوا وبسنته فاقتدوا» بل لا يبعد أن يكون مراده الإمام خاصة ، ويرشد اليه قوله في آخر الحديث «فإنه لا ترد له دعوة ولا تخيب له طلبة» ويكون غرضه الرد على الزيدية ومن حذا حذوهم من القائلين بالاكتفاء في الإمام بظهور الصلاح والورع ، كيف وما ذكر لا يتحقق إلا في الأولياء الكمل فلو اعتبر ذلك لعظم الخطب واختل النظام وانسد باب القضاء والفتيا والتقليد والشهادات والجمعة والجماعات والطلاق وغير ذلك. هكذا حققه شيخنا في الكتاب المذكور وهو متين جدا. أقول : أشار بذلك الى ما نقله في أثناء كلامه المتقدم في المسألة عن شيخه المذكور في كتابه العشرة الكاملة.
ثم قال (قدسسره) وأقول : ان سياق الحديث دال بجملته على ان المراد تصعيب أمر الإمامة وتشديد أمرها وقرينة الرئاسة عليه شهادة كما لا يخفى ، وإلا فلا يستقيم حمله على غيره أصلا قطعا لما تقدم في رواية ابن ابى يعفور (١) من المعارضة الصريحة من قوله (عليهالسلام) «حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس». وما تقدم في رواية علقمة وغيرها مما هو صريح في المعارضة واضح في المناقضة ، ولا يجوز التعارض في كلامهم (عليهمالسلام) ولا التناقض ، مع ان هذه الرواية شاذة فالترجيح للأكثر
__________________
(١) ص ٢٥.