على بطلان قول الفلاسفة الذين يقولون : الإنسان شيء لا ينقسم وإنه ليس بجسم (١).
وقال (٢) : (فَتَبارَكَ اللهُ) أي : فتعالى الله (٣) ، لأنّ البركة يرجع معناها إلى الامتداد والزيادة وكل ما زاد على الشيء فقد علاه. ويجوز أن يكون المعنى البركات والخيرات كلها من الله.
وقيل : أصله من البروك وهو الثبات ، فكأنه قال : البقاء والدوام والبركات كلها منه ، فهو المستحق للتعظيم والثناء (٤) بأنه لم يزل ولا يزال (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) المصورين والمقدرين. والخلق في اللغة: التقدير ، قال زهير :
٣٧٨٧ ـ ولأنت تفري ما خلقت وبع |
|
ض القوم يخلق ثمّ لا يفري (٥) |
قوله : (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه بدل من الجلالة (٦).
الثاني : أنه نعت للجلالة (٧) ، وهو أولى مما قبله ، لأنّ البدل بالمشتق يقل.
الثالث : أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي : هو أحسن (٨) ، والأصل عدم الإضمار.
وقد منع أبو البقاء أن يكون وصفا ، قال : لأنه نكرة وإن أضيف لمعرفة لأنّ المضاف إليه عوض عن (٩) «من» ، وهكذا (١٠) جميع أفعل منك (١١).
قال شهاب الدين : وهذا بناء منه على أحد القولين في أفعل التفضيل إذا أضيف هل إضافته محضة أم لا ، والصحيح الأول (١٢). والمميز لأفعل محذوف لدلالة المضاف إليه
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) في ب : ثم قال.
(٣) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٨٧.
(٤) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٨٦.
(٥) البيت من بحر الكامل قاله زهير ، وهو في ديوانه (١١٩) والكتاب ٤ / ١٨٥ ، ٢٠٩ المنصف ٢ / ٧٤ ، ٢٣٢ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٣٩ ، ابن يعيش ٩ / ٧٩ ، اللسان (فرا) البحر المحيط ٦ / ٣٩٨ ، الهمع ٢ / ٢٠٦ ، شرح شواهد الكافية ٤ / ٢٢٩ ، الدرر ٢ / ٢٣٣ ، الفري : القطع. الخلق : التقدير قبل القطع ، يقال : خلقت الأديم إذا قدرته لتقطعه. وهو الشاهد هنا.
(٦) هذا على أنّ إضافة أفعل التفضيل إضافة غير محضة. البيان ٢ / ١٨١ ، التبيان ٢ / ٩٥١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٩٨.
(٧) على أن إضافة أفعل التفضيل إضافة محضة. البحر المحيط ٦ / ٣٩٨.
(٨) انظر البيان ٢ / ١٨١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٩٨.
(٩) في النسختين : من. والتصويب من الفخر الرازي.
(١٠) في الأصل : وهذا.
(١١) التبيان ٢ / ٩٥١ وذلك لأنّ أبا البقاء ممن قال : إن إضافة أفعل التفضيل إضافة غير محضة. شرح التصريح ٢ / ٢٧.
(١٢) الدر المصون : ٥ / ٨٤.