وقد (١) جاء (بعث) على ذلك ، كقوله تعالى (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً)(٢)(٣).
قوله : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) يجوز أن تكون المصدرية (٤) أي : أرسلناه بأن اعبدوا الله. أي : بقوله اعبدوا ، وأن تكون مفسرة (٥). «ا فلا تتقون» قال بعضهم : هذا الكلام غير موصول بالأول ، وإنما قاله لهم بعد أن كذبوه ، وردوا عليه بعد إقامة الحجة عليهم فعند ذلك خوفهم بقوله : «ا فلا تتقون» هذه الطريقة مخافة العذاب الذي أنذركم به. ويجوز أن يكون موصولا بالكلام الأول بأن رآهم معرضين عن عبادة الله مشتغلين بعبادة الأوثان ، فدعاهم إلى عبادة الله ، وحذرهم من العقاب بسبب إقبالهم (٦) على عبادة الأوثان (٧).
قوله : (وَقالَ الْمَلَأُ) قال الزمخشري : فإن قلت : ذكر مقالة قوم هود في جوابه في سورة الأعراف ، وسورة هود بغير واو ، (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ)(٨)(قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ)(٩)(١٠). وهاهنا مع الواو ، فأي فرق بينهما؟ قلت : الذي بغير واو على تقدير سؤال سائل قال : فما ذا قيل له؟ فقيل له : قالوا : كيت وكيت ، وأما الذي مع الواو فعطف لما قالوه على ما قاله (١١) ، ومعناه أنه (١٢) اجتمع في الحصول ، (أي : في هذه الواقعة في) (١٣) هذا الكلام (١٣) الحق وهذا (الكلام) (١٣) الباطل وشتان (١٤) ما بينهما (١٥) قال شهاب الدين : ولقائل أن يقول : هذا جواب بنفس الواقع ، والسؤال باق ، إذ يحسن أن يقال : لم لا جعل (١٦) هنا قولهم أيضا جوابا لسؤال سائل كما في نظيرتها أو عكس الأمر (١٧).
قوله (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) أي : بالمصير إلى الآخرة (وَأَتْرَفْناهُمْ) نعمناهم وو سعنا عليهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ) وقد تقدم شرح هذه الشبهة في القصة الأولى (١٨)(وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) أي : منه ، فحذف العائد لا ستكمال شروطه ، وهو ا تحاد (١٩) الحرف ، والمتعلق ، وعدم قيامه مقام مرفوع ، وعدم ضمير
__________________
(١) في ب : وبعد. وهو تحريف.
(٢) [الفرقان : ٥١].
(٣) الكشاف ٣ / ٤٧.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٣.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ٤٧ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٣.
(٦) اقبالهم : سقط من ب.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٩٨.
(٨) [الأعراف : ٦٦].
(٩) [هود : ٥٢].
(١٠) ما بين القوسين تصويب من الكشاف ، هو في النسختين : ما نراك إلا بشرا مثلنا.
(١١) في ب : ما قاله الرسول.
(١٢) أنه : سقط من ب.
(١٣) ما بين القوسين ليس في نص الزمخشري ، وإنما هو من كلام ابن عادل.
(١٤) وشتان : سقط من ب.
(١٥) الكشاف ٣ / ٤٧.
(١٦) في ب : يجعل.
(١٧) الدر المصون : ٥ / ٨٦.
(١٨) وهي قصة نوح.
(١٩) في ب : اتخاذ. وهو تصحيف.