آخر (١) ، هذا إذا جعلناها بمعنى الذي ، فإن جعلتها مصدرا لم تحتج إلى عائد ، فيكون (٢) المصدر واقعا موقع المفعول. أي : من مشروبكم (٣).
وقال في التحرير (٤) : وزعم الفراأ أن معنى (مِمَّا تَشْرَبُونَ) على حذف أي : تشربون منه (٥). وهذا لا يجوز عند البصريين ، ولا يحتاج إلى حذف ألبتة ، لأن (ما) إذا كانت مصدرا لم تحتج إلى عائد ، فإن جعلتها بمعنى الذي حذفت العائد ، ولم تحتج إلى إضمار (من) (٦) يعني : أنه يقدر تشربونه من غير حرف (٧) جر ، وحينئذ تكون شروط الحذف أيضا موجودة (٨) ولكن تفوت المقابلة إذ قوله : (تَأْكُلُونَ مِنْهُ) فيه تبعيض ، فلو قدرت هنا تشربونه من غير (من) فاتت المقابلة. ثم إن قوله : وهو لا يجوز عند البصريين ممنوع ، بل هو جائز لوجود شرط الحذف.
قوله : (لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) لمغبونون ، جعلوا اتباع الرسول خسرانا ولم يجعلوا عبادة الصنم خسرانا (٩) ، قال الزمخشري و «إذا» وقع في جزاء الشرط وجواب للذين قاولوهم من قولهم (١٠) قال أبو حيان : وليس واقعا في جزاء الشرط ، بل واقعا بين «إنكم» و (الخبر) ، و «إنكم» و (الخبر) ليس جزاء للشرط بل ذلك جواب للقسم المحذوف قبل «إن» الشرطية (ولو كانت «إنكم» والخبر جوابا للشرط) (١١) لزمت (الفاء) في (إنكم) بل لو كان بالفاء في تركيب غير القرآن لم يكن ذلك التركيب جائزا إلا عند الفراء ، والبصريون لا يجيزونه وهو عندهم خطأ (١٢) قال شهاب الدين : يعني أنه إذ توالى شرط وقسم أجيب سابقهما ، والقسم هنا متقدم فينبغي أن يجاب ولا يجاب الشرط ، ولو أجيب الشرط لا ختلت (١٣) القاعدة إلا عند بعض
__________________
(١) انظر شروط حذف العائد المجرور بحرف في شرح الكافية ٢ / ٤٢ ـ ٤٣ ، شرح التصريح ١ / ١٤٧ ، الهمع ١ / ٦٠.
(٢) في ب : ويكون.
(٣) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٠٧ ، البيان ٢ / ١٨٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٤.
(٤) كتاب التحرير هو أحد مصادر أبي حيان في كتابه البحر المحيط ، فإنه قال (واعتمدت في أكثر نقول كتابي هذا على كتاب التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير من جمع شيخنا الصالح القدوة الأديب ، جمال الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان بن حسن بن حسين المقدسي ، عرف بابن النقيب ـ رحمهالله تعالى ـ إذ هو أكبر كتاب رأيناه صنف في علم التفسير ، يبلغ في العدد مائة سفر أو يكاد) البحر المحيط ١ / ١١.
(٥) معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٣٤.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٤.
(٧) حرف : سقط من ب.
(٨) وهي كون العائد المنصوب متصلا ، وناصبه فعل تام ، أو وصف غير صلة (أل) ، وأن يكون متعينا للربط. انظر شرح التصريح ١ / ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٩) خسرانا : سقط من ب.
(١٠) الكشاف ٣ / ٤٧.
(١١) ما بين القوسين كما في البحر المحيط ، وفي النسختين : ولو كان التركيب الخبر جوابا.
(١٢) البحر المحيط ٦ / ٤٠٤.
(١٣) في الأصل : لاختلف.