الكوفيين ، فإنه يجيب الشرط وإن تأخر ، وهو موجود في الشعر (١)(٢).
قوله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ») الآية. في إعرابها ستة أوجه :
أحدها : أن اسم أن الأولى مضاف لضمير الخطاب ، حذف وأقيم المضاف إليه مقامه ، والخبر قوله : (إِذا مِتُّمْ) ، و (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) تكرير ، لأن الأولى للتأكيد ، والدلالة على المحذوف والمعنى: أن إخراجكم إذا متم وكنتم (٣).
الثاني : أن خبر (أن) الأولى هو «مخرجون» ، وهو العامل في «إذا» وكررت الثانية توكيدا لما طال الفصل (٤) وإليه ذهب الجرمي (٥) والمبرد (٦) والفراء (٧) ، ويدل على كون الثانية توكيدا قراءة عبد الله: «أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون» (٨).
الثالث : أن (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) مؤل بمصدر مرفوع بفعل محذوف ذلك الفعل المحذوف جواب(٩) (إذا) الشرطية ، و (إذا) الشرطية وجوابها المقدر خبر ل (أنكم) الأولى تقديره : يحدث أنكم مخرجون(١٠).
__________________
(١) أي : أنه إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للمتقدم منهما ، لشدة الاعتناء بالمتقدم ، فتقديم القسم كقولك : والله إن أتيتني لأكرمنك ، وتقديم الشرط نحو : إن تأتني ـ والله ـ أكرمك ولا يجوز جعل الجواب للشرط مع تقدم القسم خلافا لا بن مالك حيث قال :
وربما رجح بعد قسم |
|
شرط بلا ذي خبر مقدم |
خلافا للفراء في إجازته ذلك ، وما استدل به قول الشاعر :
لئن منيت بنا عن غب معركة |
|
لا تلفنا عن دماء القوم ننتقل |
وقوله :
لئن كان ما حدثته اليوم صادقا |
|
أصم في نهار القيظ للشمس باديا |
ومنع الجمهور ذلك ، وتأولوا ما ورد على جعل اللام زائدة. هذا إن لم يتقدمهما ذو خبر ، فإن تقدمهما ذو خبر جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره نحو : زيد والله إن يقم أقم ، وجاز جعل الجواب للقسم لتقدمه نحو : زيد والله إن يقم لأقومن. والأرجح مراعاة الشرط تقدم أو تأخر ، لأن سقوط الشرط يخل بمعنى الجملة التي هو منها بخلاف القسم فإنه مسوق لمجرد التوكيد.
شرح الكافية الشافية ٣ / ١٦١٥ ـ ١٦١٧ ، شرح التصريح ٢ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ شرح الأشموني ٤ / ٢٧ ـ ٣٠.
(٢) الدر المصون : ٥ / ٨٦.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٥٣.
(٤) انظر الكشاف ٣ / ٤٧ ، البيان ٢ / ١٨٤ ، التبيان ٢ / ٩٥٤.
(٥) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٠٨ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٤.
(٦) انظر المقتضب ٢ / ٣٥٤.
(٧) قال الفراء : (وقوله : أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ، أعيدت «أنكم» مرتين ومعناهما واحد ؛ إلا أن ذلك حسن لما فرقت بين «أنكم» وبين خبرها ب «إذا»). معاني القرآن ٢ / ٢٣٤.
(٨) كذا في معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٣٤ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٥٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٤ ، وفي النسختين : وكنتم ترابا وعظاما مخرجون.
(٩) في ب : هو جواب.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٤٧ ، التبيان ٢ / ٩٥٣ ـ ٩٥٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٤.