والحسن بفتح العين (١) ، وهو مصدر بمعنى التعطف ، وصفه بالقسوة.
قوله : «ليضلّ» متعلق إما ب (يُجادِلُ) ، وإما ب (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٢) وقرأ العامة بضم الياء في «يضل» والمفعول محذوف أي : ليضل غيره (٣). وقرأ مجاهد وأبو عمرو في رواية بفتحها (٤) ، أي : ليضل هو في نفسه.
قوله : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) هذه الجملة يجوز أن تكون حالا (٥) مقارنة (٦) أي : مستحقا ذلك ، وأن تكون حالا مقدرة (٧) ، وأن تكون مستأنفة (٨). وقرأ زيد بن علي «وأذيقه» بهمزة المتكلم(٩) ، و (عَذابَ الْحَرِيقِ) يجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته إذ (١٠) الأصل العذاب الحريق أي : المحرق كالسميع بمعنى المسمع (١١).
فصل
قال أبو مسلم (١٢) : الآية (١٣) الأولى (١٤) واردة في الأتباع المقلدين ، وهذه الآية واردة في المتبعة عن المقلدين ، فإن كلا المجادلين جادل بغير علم وإن كان أحدهما تبعا والآخر متبوع ، وبين ذلك قوله : (وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) فإن مثل ذلك لا يقال في المقلد وإنما يقال فيمن يخاصم (١٥) بناء على شبهة. فإن قيل : كيف يصح ما قلتم والمقلد لا يكون مجادلا؟ قلنا : يجادل تصويبا لتقليده ، وقد يورد الشبهة الظاهرة إذا تمكن منها وإن كان معتمده الأصلي هو التقليد (١٦). وقيل : إن الآية الأولى نزلت في النضر بن الحارث ، وهو قول ابن عباس وفائدة التكرير المبالغة في (١٧) الذم ، وأيضا : قد ذكر (١٨)
__________________
(١) المختصر (٩٤) ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٤ ، الإتحاف (٣١٣).
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٣٤.
(٣) البحر المحيط ٦ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥. الإتحاف (٣١٣).
(٤) البحر المحيط ٦ / ٣٥٤ ، الإتحاف (٣١٣).
(٥) في الأصل : حال.
(٦) الحال المقارنة : هي المقارنة لعاملها في الزمن. نحو قوله تعالى : «وَهذا بَعْلِي شَيْخاً»[هود : ٧٢].
المغني ٢ / ٤٦٥.
(٧) الحال المقدرة : هي المستقبلة نحو : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي مقدرا ذلك ، المغني ٢ / ٤٦٥.
(٨) ذكر هذه الأوجه أبو البقاء. التبيان ٢ / ٩٣٤.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٣٥٥.
(١٠) في الأصل : إذا.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٥.
(١٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢.
(١٣) في ب : إن الآية.
(١٤) وهي قوله تعالى : «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ»[الآية ٣].
(١٥) في الأصل : لا يخاصم. وهو تحريف.
(١٦) في ب : الأصل التقليد.
(١٧) في : سقط من الأصل.
(١٨) في النسختين : قد كرر. والصواب ما أثبته.