وقال أبو البقاء : (سورة) بالرفع على تقدير : هذه سورة ، أو فيما يتلى عليك (١) سورة ، فلا تكون (سورة) مبتدأ ، لأنها نكرة (٢).
وهذه عبارة مشكلة على ظاهرها ، كيف يقول : «لا تكون مبتدأ» مع تقديره : فيما يتلى عليك سورة؟ وكيف يعلّل المنع بأنها نكرة مع تقديره لخبرها جارا مقدما عليها ، وهو مسوغ للابتداء بالنكرة؟ وقرأ عمر (٣) بن عبد العزيز وعيسى الثقفي وعيسى الكوفي ومجاهد وأبو حيوة وطلحة بن مصرف «سورة» بالنصب (٤) ، وفيها (٥) أوجه :
أحدها : أنها منصوبة بفعل مقدّر غير مفسّر بما بعده ، تقديره : «اتل سورة» أو «اقرأ سورة»(٦).
والثاني : أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره ما بعده ، والمسألة من الاشتغال ، تقديره : «أنزلنا سورة (أنزلناها (٧)») (٨).
والفرق بين الوجهين : أنّ الجملة بعد «سورة» في محل نصب على الأول ، ولا محل لها على الثاني (٩).
الثالث : أنها منصوبة على الإغراء ، أي : دونك سورة ، قاله الزمخشري (١٠). ورده أبو حيان بأنه لا يجوز حذف أداة الإغراء (١١). واستشكل أبو حيان أيضا على وجه الاشتغال جواز الابتداء بالنكرة من غير مسوغ (١٢) ، ومعنى ذلك أنه ما من موضع يجوز (فيه) (١٢) النصب على الاشتغال إلّا ويجوز أن يرفع على الابتداء ، وهنا لو رفعت «سورة» بالابتداء لم يجز ، إذ لا مسوغ ، فلا يقال : «رجلا (١٣) ضربته» لامتناع «رجل ضربته» ، ثم أجاب بأنه إن اعتقد حذف وصف جاز ، أي : «سورة معظّمة (١٤) أو موضّحة أنزلناها» فيجوز ذلك (١٥).
الرابع : أنها منصوبة على الحال من «ها» في «أنزلناها» ، والحال من المكنيّ يجوز أن يتقدم عليه ، قاله الفراء (١٦).
__________________
(١) في ب : عليكم.
(٢) التبيان ٢ / ٩١٣.
(٣) في النسختين : الحسن. والصواب ما أثبته.
(٤) المختصر (١٠٠) ، والمحتسب ٢ / ٩٩.
(٥) في ب : وفيه.
(٦) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٦ ، المحتسب ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، الكشاف ٣ / ٥٩ ، التبيان ٢ / ٩٦٣.
(٧) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٥ ، المحتسب ٢ / ٩٩ ، الكشاف ٣ / ٥٩ ، البيان ٢ / ١٩١ ، التبيان ٢ / ٩٦٣.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) لأن الجملة في الوجه الأول صفة ل «سورة» تابعة لها في إعرابها ، وفي الوجه الثاني مفسرة ، والجملة المفسرة لا محل لها من الإعراب. انظر المحتسب ٢ / ١٠٠.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٥٩.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٢٧.
(١٢) فيه : تكملة ليست في المخطوط.
(١٢) فيه : تكملة ليست في المخطوط.
(١٣) في ب : رجل. وهو تحريف.
(١٤) في ب : عظيمة.
(١٥) البحر المحيط ٦ / ٤٢٧.
(١٦) معاني القرآن ٢٤٤.