بشريك بن سحماء (١) ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «البينة وإلا حدّ في ظهرك». فقال : يا رسول الله ، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ، فجعل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «البينة وإلّا حدّ في ظهرك». فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد ، فنزيل جبريل ـ عليهالسلام (٢) ـ وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فانصرف رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد ، والنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إنّ الله يعلم أنّ أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب»؟. ثم قامت فشهدت ، فلما كانت (٣) عند الخامسة وقفوها وقالوا : إنها موجبة (٤).
قال ابن عباس : فتلكأت (٥) ونكصت (٦) حتى ظننا أنها ترجع ، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ، فمضت ، وقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أبصروها ، فإن جاءت به أكحل العينين ، سابغ الأليتين ، حدلج الساقين (٧) فهو لشريك بن سحماء. فجاءت به كذلك ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لو لا ما مضى من كتاب الله ـ عزوجل ـ لكان لي ولها شأن» (٨).
وفي رواية عكرمة عن ابن عباس قال : لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ...) الآية قال سعد بن عبادة (٩) : لو أتيت لكاع (١٠) وقد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ، فو الله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته ويذهب ، وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة ـ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «يا معشر الأنصار ، ألا تسمعون ما يقول سيّدكم».
قالوا : لا تلمه فإنه رجل غيور ، ما تزوج امرأة قط إلا بكرا ، ولا طلق امرأة له واجترأ رجل منا أن يتزوجها. قال سعد : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حق ، ولكن عجبت من ذلك ، فقال عليهالسلام (١١) : «فإنّ الله يأبى إلّا ذلك». فقال : صدق (١٢) الله ورسوله ، قال : فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى جاء ابن عم له يقال له : هلال بن أمية (من حديقة له) (١٣) ، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم ، فرأى
__________________
(١) في ب : سيحاء. وهو تحريف.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) في الأصل : كان.
(٤) أي : الشهادة الخامسة موجبة للعذاب الأليم إن كانت كاذبة. انظر البخاري (تفسير) ٢ / ١٦٢ ، جامع البيان ١٨ / ٦٦ ، وابن كثير ٣ / ٢٦٦ ، الدر المنثور ٥ / ٢٢.
(٥) تلكأت : توقفت وتبطأت.
(٦) نكص عن الأمر ينكص وينكص نكصا ونكوصا : أحجم. اللسان (نكص).
(٧) خدلج الساقين : عظيمهما ، وقيل : الضخمة الساقين. اللسان (خدلج).
(٨) انظر البغوي ٦ / ٦٠ ـ ٦١ ، الدر المنثور ٥ / ٢٢.
(٩) تقدم.
(١٠) لكاع : المرأة اللئيمة الخبيثة اللسان (لكع).
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) صدق : سقط من ب.
(١٣) ما بين القوسين في ب : بن حذيفة. وهو تحريف.