مكاتبا حل له أخذها سواء أدى فعتق ، أو عجز فعاد إلى الرق. واستفاد أيضا أن الكتابة تبعثه على الاجتهاد في الكسب ، ولولاها لم يكن ليفعل ذلك. ويستفيد المولى الثواب ، لأنه إذا باعه فلا ثواب ، وإذا كاتبه فالولاء له ، فورد الشرع بجواز الكتابة لهذه الفوائد (١).
قوله : «إن علمتم فيهم خيرا» قال عليهالسلام (٢) : «إن علمتم لهم حرفة ، ولا تدعوهم كلّا على الناس» (٣). وقال ابن عمر : قوة على الكسب ، وهو قول مالك والثوري (٤).
قال عطاء والحسن ومجاهد والضحاك : الخير : المال ، لقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)(٥) أي : مالا. قال عطاء : بلغني ذلك عن ابن عباس (٦). ويروى أن عبدا لسلمان الفارسي قال له : كاتبني. قال: لك مال؟ قال : لا. قال (٧) : تريد أن تطعمني أوساخ الناس ولم يكاتبه (٨). قال الزجاج : لو أراد به المال لقال : إن علمتم لهم خيرا (٩).
وأيضا فلأن العبد لا مال له ، بل المال لسيده (١٠). وقال إبراهيم النخعي وابن زيد وعبيدة : صدقا وأمانة (١١). وقال طاوس وعمرو بن دينار : مالا وأمانة (١٢).
وقال الحسن : صلاحا في الدين (١٣). قال الشافعي : وأظهر معاني الخير في العبيد : الاكتساب مع الأمانة ، وأجاب ألا يمتنع من الكتابة إذا كان هكذا (١٤) ، لأن مقصود الكتابة قلما يحصل إلا بهما ، فإنه ينبغي أن يكون كسوبا يحصل المال ، ويكون أمينا يصرفه في نجومه ولا يضيعه (١٥).
قوله : «وآتوهم من مال الله الّذي آتاكم». قيل : هذا خطاب للموالي ، يجب على المولى (١٦) أن يحط عن مكاتبه من مال الكتابة شيئا ، وهو قول عثمان وعليّ والزبير وجماعة ، وبه قال الشافعي وهؤلاء اختلفوا في قدره : فقيل : يحط عنه (١٧) ربع مال الكتابة ، وهو قول عليّ ، ورواه بعضهم عن عليّ مرفوعا. وعن ابن عباس : يحط الثلث. وقيل : ليس له (١٨) حد ، بل يختلف بكثرة المال وقلته ، وهو قول الشافعي ، لأن ابن عمر
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٨.
(٤) انظر البغوي ٦ / ١١٠.
(٥) من قوله تعالى : «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» [البقرة : ١٨٠].
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٨ ـ ٧١٩.
(٧) قال : سقط من ب.
(٨) انظر البغوي ٦ / ١١٠ ، الكشاف ٣ / ٧٥.
(٩) لم أعثر على ما قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ، وهو في تفسير البغوي ٦ / ١١٠.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٩.
(١١) انظر البغوي ٦ / ١١٠.
(١٢) المرجع السابق.
(١٣) المرجع السابق.
(١٤) المرجع السابق.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٩.
(١٦) في ب : الولي.
(١٧) عنه : سقط من ب.
(١٨) له : سقط من الأصل.